لا يتأثر بالمريد ، فيصحّ الاشتراك في المعلوم والمراد ، كما يصح الاشتراك في المرئي والمسموع ، وأما المقدور فيجوز اشتراك القادرين فيه بالقدرة المصححة ، وهي صحة وقوعه من كلّ واحد منهما ، وصحة التأثير من أحدهما لا تنافي صحّته من الآخر ، أما اشتراكهما فيه بالقدرة الموجبة المقارنة لمقدورها ، فهو عين المحال إلا أن يراد الاشتراك على البدل ، فيكون تأثير أحدهما فيه شرطا في تأثير الآخر.
ولما تفطّن أبو الحسين لهذا قال : لست أقول : إن إضافته إلى أحدهما هي إضافته إلى الآخر ، كما أن الشيء الواحد يكون معلوما لعالمين ، ويمتنع أن يكون علم أحدهما به هو علم الآخر ، فهكذا أقول في المقدور بين قادرين ، ليست قدرة أحدهما عليه هي قدرة الآخر ، والمفعول بين فاعلين ، ليس فعل أحدهما فيه هو فعل الآخر ، وإنما معنى قولي هذا أنه فعل لهذا وتأثير له أنه لقدرته وداعيته وجد ، وليس معنى كونه وجد لقدرة هذا وداعيته هو معنى كونه وجد لقدرة الآخر وداعيته ، قال : وليس يمتنع في العقل إضافة شيء واحد إلى شيئين ، لكنه يمتنع أن يكون إضافته إلى أحدهما هي عين إضافته إلى الآخر.
وهذا لا يجدي عنه شيئا ، فإن التقسيم المذكور دائر فيه ، ونحن نقول : قد دلّ الدليل على شمول قدرة الرب سبحانه لكل ممكن من الذوات والصفات والأفعال ، وأنه لا يخرج شيء عن مقدوره البتة ، ودلّ الدليل أيضا على أن العبد فاعل لفعله بقدرته وإرادته ، وأنه فعل له حقيقة ، يمدح ويذم به عقلا وعرفا وشرعا ، وفطرة فطر الله عليها العباد حتى الحيوان البهيم ، ودل الدليل على استحالة مفعول واحد بالعين بين فاعلين مستقلين ، وأثر واحد بين مؤثرين فيه على سبيل الاستقلال ، ودلّ الدليل أيضا على استحالة وقوع حادث لا محدث له ، ورجحان راجح لا مرجّح له ، وهذه أمور كتبها الله