يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ (٥٠)) [التوبة] وقوله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها (١٦٥)) [آل عمران] فجمع الله في الآية بين ما أصابوا بفعلهم وكسبهم وما أصابهم مما ليس فعلا لهم وقوله : (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ (٥٢)) [التوبة]. وقوله : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ (٣١)) [الرعد] وقوله : (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ (١٠٦)) [المائدة].
فقوله : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ (٧٩)) [النساء] هو من هذا القسم الذي يصيبه العبد ، لا باختياره ، وهذا إجماع من السلف في تفسير هذه الآية.
قال أبو العالية : وإن تصبكم حسنة ، هذا في السّرّاء ، وإن تصبهم سيئة ، هذا في الضراء.
قال السدي : الحسنة : الخصب ، تنتج مواشيهم وأنعامهم ، ويحسن حالهم ، فتلد نساؤهم الغلمان. قالوا : هذا من عند الله ، وإن تصبهم سيئة ، قال : الضر في أموالهم ، تشاءموا بمحمد ، وقالوا : هذه من عنده ، قالوا : بتركنا ديننا ، واتباعنا محمدا ، أصابنا ما أصابنا ، فأنزل الله سبحانه ردّا عليهم (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ (٧٨)) [النساء] الحسنة والسيئة.
وقال الوالبي ، عن ابن عباس : «ما أصابك من حسنة فمن الله» ، قال : ما فتح الله عليك يوم بدر ، وقال أيضا : هو الغنيمة والفتح ، والسيئة ما أصابه يوم أحد ، شجّ في وجهه ، وكسرت رباعيته. وقال : أما الحسنة فأنعم الله بها عليك ، وأما السيئة فابتلاك بها. وقال أيضا : ما أصابك من نكبة فبذنبك ، وأنا قدّرت ذلك عليك. ذكر ذلك كله ابن أبي حاتم. وفي تفسير أبي صالح عن ابن عباس : إن تصبك حسنة : الخصب ، وإن تصبك سيئة : الجدب والبلاء.
وقال ابن قتيبة في هذه الآية : الحسنة : النعمة ، والسيئة : البلية.