بذلوا أنفسهم له ، فلهم جزاءان ، جزاء في الدنيا بالهداية على الجهاد ، وجزاء في الآخرة بدخول الجنة ، فيردّ السامع كلّ جملة إلى وقتها ، لظهور المعنى وعدم التباسه ، وهو في القرآن كثير ، والله أعلم.
وقال تعالى : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ (٢٤)) [يوسف] وقال : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤)) [القصص] وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (٧١)) [الأحزاب] وقال : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا (٥٤)) [النور] وقال : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ (١٥٤)) [الأنعام] فضمّن التمام معنى الإنعام ، فعدّاه بعلى ، أي : إنعاما منا على الذي أحسن ، وهذا جزاء على الطاعات بالطاعات.
وأما الجزاء بالمعاصي على المعاصي فكقوله : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ (٥)) [الصف] وقوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ (١٩)) [الحشر] وقوله : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)) [الأنعام] وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا (١٥٥)) [آل عمران] وقوله : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ (٨٨)) [البقرة] وقوله : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥)) [التوبة].
وهو كثير في القرآن ، وعلى هذا فيكون النوعان من السيئات ، أعني المصائب والمعايب ، من نفس الإنسان ، وكلاهما بقدر الله ، فشرّ النفس هو الذي أوجب هذا وهذا ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يقول في خطبته المعروفة : «ونعوذ