وتوفيقه ، وقطع هذه الإعانة والتوفيق لا يخرج الفعل عن كونه مقدورا له ، وإن جعلته غير مراد.
وسرّ المسألة الفرق بين تعلّق الإرادة بفعل العبد ، وتعلقها بفعله هو سبحانه بعده ، فمن لم يحط معرفة بهذا الفرق ، لم يكشف له حجاب المسألة.
قال الجبري : إما أن تقول : إن الله علم أن العبد لا يفعل ، أو لم يعلم ذلك ، والثاني محال ، وإذا كان قد علم أنه لا يفعله ، صار الفعل ممتنعا قطعا ، إذ لو فعله لانقلب العلم القديم جهلا.
قال السني : هذه حجة باطلة من وجوه ، أحدها : أن هذا بعينه يقال ، فيما علم الله أنه لا يفعله ، وهو مقدور له ، فإنه لا ينفع البتة ، مع كونه مقدورا له ، فما كان جوابك عن ذلك ، فهو جوابنا لك. وثانيها : أن الله سبحانه يعلم الأمور على ما هي عليه ، فهو يعلم أنه لا يفعله لعدم إرادته له ، لا لعدم قدرته عليه. وثالثها : أن العلم كاشف لا موجب ، وإنما الموجب مشيئة الرب ، والعلم يكشف حقائق المعلومات.
عدنا إلى الكلام على الآية التي احتج بها القدري ، وبيان أنه لا حجّة فيها ، من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قال : ما أصابك ، ولم يقل : ما أصبت.
الثاني : أن المراد بالحسنة والسيئة النعمة والمصيبة.
الثالث أنه قال : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ (٧٨)) [النساء].
فالإنسان هو فاعل السيئات ، ويستحق عليها العقاب ، والله هو المنعم عليه بالحسنات عملا وجزاء ، والعادل فيه بالسيئات قضاء وجزاء ، ولو كان العمل