فالدليل عليه : أن تلك القابلية إما أن تكون من لوازم تلك الذات ، وإما أن لا تكون [من لوازمها (١)] فإن كانت من لوازمها ، فحينئذ لا تنفك تلك الذات عنها ، وذلك هو المطلوب.
وأما إن قلنا : إن تلك القابلية ليست من لوازم تلك الذات ، بل هي من الصفات المفارقة ، كانت الذات قابلة لتلك القابلية ، فكونها قابلة لتلك القابلية. إن كانت من لوازم الذات [فحينئذ تكون القابلية من لوازم الذات (٢)] وإن لم تكن من لوازمها كان الكلام فيها كما في الأول ، فيلزم أن تكون قبل كل قابلية أخرى ، ويلزم التسلسل ، وهو محال. فيثبت بهذا : أن هذه القابليات وجب انتهاؤها إلى قابلية تكون من لوازم تلك الذات. وهو المطلوب.
وأما بيان أن تلك القابلية صفة حادثة ، فالدليل عليه : إن قابلية الصفة الحادثة يمتنع حصولها ، إلّا عند إمكان حصول الصفة الحادثة وإمكان [حصول الحادث له أول لأن (٣)] حصول الحادث في الأزل محال. لأن الحادث هو الذي له أول. والأزل هو الذي لا أول له ، والجمع بينهما محال. فيثبت : أن صحة حدوث الحوادث لها أول ، فقابلية هذه الصفة أيضا لها أول ، لأن إمكان اتصاف الشيء بشيء آخر ، مشروط بكون ذلك الشيء في نفسه ممكن الحصول ، لأن إمكان حصوله لغيره فرع على إمكان حصوله في نفسه ، لأن ما لا وجود له في نفسه ، امتنع وجوده لغيره ، ولما كان حصول الحادث في الأزل محالا ، كان إمكان كون الذات قابلة للحادث في الأزل محالا. فثبت بما ذكرناه : أن كل ما كان قابلا للحوادث ، فإنه يمتنع خلوه عن قابليته للحوادث [وثبت أيضا : أن قابلية الحوادث لها أول فيثبت بما ذكرناه : أن كل ما كان قابلا للحوادث فإنه يمتنع خلوه عن الحوادث (٤)] ثم من المتفق عليه بين
__________________
(١) من (و).
(٢) من (س).
(٣) من (س).
(٤) من (و).