إذا عرفت هذا فنقول : اعلم أن الصفات على ثلاثة أقسام :
أحدها : الصفات الحقيقية العارية عن الإضافات ، مثل اللون والطعم والرائحة. ومثل: الوجود والحياة.
وثانيها : الصفات الحقيقية الموصوفة بالإضافات والنسب وذلك مثل : العلم عند من يقول : إنه صفة لها تعلق بالمعلوم. فإن على هذا القول : العلم صفة حقيقية وحصل بين تلك الصفة وبين المعلوم نسبة خاصة ، وتعلق خاص.
وثالثها : الصفات التي هي محض النسب والإضافات مثل : كون زيد يمينا لعمرو ، أو يسارا له ، مثل ما إذا تزوج أخو زيد بامرأة ، وحصل له ولد ، فإن زيدا يصير عمّا لذلك الولد ، بعد أن كان عاريا عن هذه الصفة ، وهذا يقتضي حدوث هذه الإضافات المختصة في ذات زيد.
إذا عرفت هذا فنقول : أما القول بحدوث الصفات الإضافية فذاك أمر يجب الاعتراف به ، ولا يمكن إنكاره البتة يقينا مع الصفات الحقيقية ، سواء حصلت لها إضافات إلى الغير ، أو لم يحصل. وهاهنا محل الخلاف. فمن الناس من جوز حدوث مثل هذه الصفات في ذات الله تعالى ، ومنهم من منع منه. هذا هو تلخيص محل الخلاف.
واحتج القائلون بامتناع قيام الحوادث بذات الله تعالى بوجوه :
الحجة الأولى : أن نقول : كل ما كان قابلا للحوادث ، فإنه لا يخلو عنها ، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث. أما قولنا : إن كل ما كان قابلا للحوادث ، فإنه لا يخلو عنها. فالدليل عليه : أن نقول : إن تلك الذات التي لا يمكن خلوها عن قابليه الحوادث [حادثة. فيلزم أن يقال : كل ما كان قابلا للحوادث ، فإنه لا ينفك عن الحوادث (١)] وأما بيان أن كل ذات تقبل الحوادث فإنها لا تنفك عن تلك القابلية.
__________________
(١) من (و).