تعالى. ولو قال قائل : إن كونه مطالبا لزيد في الحال بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تعلق خاص ونسبة خاصة ، والحادث هو النسب والتعلقات ، لا الصفات. فنقول : هذه النسب والتعلقات ، هل لها وجود في نفس الأمر أو ليس كذلك؟ والثاني يقتضي نفي كونه تعالى مطالبا في الحال بإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة. وأما الأول فيقتضي حدوث الصفة في ذات الله.
والثالث : وهو أنه تعالى يمتنع أن يسمع صوت زيد قبل وجوده ، وأن يرى صورة زيد قبل وجودها ، فكونه سامعا لذلك [الصوت ، إنما حدث عند حدوث ذلك الصوت ، وكونه رائيا لتلك الصورة إنما حدث عند حدوث تلك الصورة (١) وهذا] يقتضي حدوث هذه الصفات في ذات الله تعالى.
وأما المعتزلة : فقد ذهب أبو علي وأبو هاشم إلى أنه يحدث في ذاته صفة المريدية والكرامية ، ويحدث في ذاته كونه سامعا مبصرا لهذه الأصوات الحادثة ، ولهذه الألوان الحادثة. وأما أبو الحسين البصري فقد صرح بأن علم الله يتغير عند تغير المعلومات ، وأن تلك العلوم إنما تحدث في ذات الله تعالى.
وأما الفلاسفة : فإنهم مع كونهم أبعد الناس عن هذا المذهب ، قد قالوا به من حيث لم يشعروا به. وبيانه : وهو أن الإضافات صفات موجودة في الأعيان عندهم ، ولا شك أن الباري تعالى موجود مع كل حادث يحدث ويدخل في الوجود. ولا شك أنه كان موجودا قبل حدوث ذلك الحادث ، وسيبقى موجودا بعد فناء ذلك الحادث ، وهذه القبلية والمعية والبعدية ، إضافات حادثة في ذات الله تعالى ، وإذا كانت الإضافات موجودات في الأعيان، كان هذا قولا بحدوث المعاني والصفات ، وفي ذات الله تعالى.
فيثبت بهذا البحث الذي ذكرناه : أن القول بحدوث الصفات في ذات الله قول قال به جميع الفرق.
__________________
(١) من (و).