الفصل الخامس عشر
في
بيان أنه يمتنع كونه تعالى محلّا لغيره
هاهنا أبحاث
البحث الأول : أنه هل يعقل أن يكون محلا للحوادث؟ قالوا : إن هذا قول لم يقل به أحد إلا الكرامية (١). وأنا أقول : إن هذا قول قال به أكثر أرباب أهل المذاهب.
أما الأشعرية : فإنهم يدعون الفرار من هذا القول ، إلا أنه لازم عليهم من وجوه :
الأول : إنه تعالى كان قادرا على إيجاد الجسم المعين من الأزل إلى الأبد ، فإذا حلق ذلك الجسم المعين ، يمتنع أن يقال : إنه بقى قادرا على إيجاده ، لأن إيجاد الوجود محال. والمحال لا قدرة عليه ، فتعلق قادريته بإيجاد ذلك الجسم قد زال وفني.
والثاني : إنه في الأزل يمتنع أن يقال : إنه كان يطلب من زيد إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة في الحال. ثم إن عند دخول زيد في الوجود ، يصير مطالبا له بإقامة الصلاة في الحال ، وإيتاء الزكاة. وهذا الطلب إلزام ، والإلزام الحاصل ، ما كان حاصلا ثم حصل ، وهذا يقتضي حدوث الصفة في ذات الله
__________________
(١) في (و) الكرامية : قال الإمام الداعي إلى الله : وأنا أقول ... الخ.