وقوع التغير وذلك محال بالاتفاق ، فوجب أن يكون حدوث تلك الصفة في ذات الله تعالى محالا. ولقائل أن يقول : إن عنيتم بهذا التغير حدوث صفة في ذات الله تعالى ، بعد عدمها. فهذا يفيد إلزام الشيء على نفسه ، وذلك لا يفيد ، وإن عنيتم به وقوع التبدل في نفس تلك الذات المخصوصة ، فمعلوم أن هذا غير لازم. فيثبت أن هذا الكلام ضعيف.
وأما القائلون بحدوث الصفات فقد بنوا كلامهم على مسائل : أحدها : أنه تعالى عالم بالجزئيات ، والعلم يجب تغيره عند تغير المعلوم ، وهذا يقتضي حدوث العلوم في ذات الله. وثانيها : أنه تعالى مريد وثبت أن القصد إلى إحداث الشيء ، لا يحصل إلّا حال الإحداث، وهذا يقتضي حدوث الإرادة ، لكن الإرادة والمريدية صفة لله فيلزم حدوث هذه الصفة في ذات الله. وثالثها : إنه تعالى سميع بصير ، وسماع الكلام قبل حدوثه محال ، وإبصار الصورة قبل حدوثها محال فيثبت : أن ذلك السماع إنما حدث عند حدوث ذلك الصوت ، وأن ذلك الإبصار إنما حدث عند حدوث ذلك المرئي. وأما الدلائل الدالة على أنه لا يحدث في ذات الله تعالى شيء ، فهي بأسرها مشكلة الصفات الإضافية. فإنا قد بينا : أنه لا بدّ من الاعتراف بحدوثها ، مع أن الدلائل التي ذكرتموها قائمة فيه. [وهذا آخر هذه المسألة ، والله أعلم (١)]
__________________
(١) من (و).