الفصل الثاني
في
حكاية دلائل المتكلمين على أن الإله واحد
اعلم (١) : أنهم ذكروا أنواعا من الدلائل. أقواها دليل التمانع. فقالوا : لو قدرنا إلهين قادرين على جميع الممكنات ، ثم أراد أحدهما تحريك جسم ، وأراد الآخر تسكينه ، فإما أن يحصل المراد معا ، أو يحصل أحدهما دون الآخر. والأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول بوجود الإلهين باطلا. أما الحصر فظاهر ، وأما أنه يمتنع حصول المرادين معا ، فلأنه يلزم منه كون الجسم الواحد دفعة واحدة : متحركا وساكنا معا. وهو محال. وأما أنه يمتنع (٢) حصول المرادين معا ، فالدليل عليه : أن المانع من حصول مراد هذا ، ليس مجرد كون الثاني قادرا ، وإنما المانع من حصول مراد الأول هو حصول مراد الثاني ، والحكم لا يحصل إلا عند حصول العلة ، فامتناع مراد هذا ، معلل بحصول مراد ذاك ، وامتناع حصول مراد ذاك معلل بحصول مراد هذا ، فلو امتنع المرادان معا ، لزم حصول المرادين معا ، حتى يكون وجود كل واحد منهما مانعا من حصول الآخر ، فيثبت : أن امتناع كل واحد منهما ، يوجب حصول كل واحد منهما ، وما أفضى نفيه إلى ثبوته كان باطلا فالقول بامتناع المرادين معا ، وجب أن يكون باطلا. واعلم أنه لو ثبت أن الأعراض [غير (٣)] باقية ، حصل لنا
__________________
(١) التاسع عشر [الأصل] وفي (س) : على أن الإله واحد ، وفي (و) إله العالم.
(٢) يمتنع تعذر (و) يمتنع (س).
(٣) من (س).