يكون إلها ، وإن لم يكن معتبرا في الإلهية (١)] كان حصول الإله بدون تلك الصفة جائزا. فإن فرضناهما حاصلين بدون تلك الصفة ، وجب أن لا يحصل الامتياز بينهما أصلا. فيثبت: أنا لو فرضنا إلهين ، وجب أن لا يحصل الامتياز بينهما بأمر من الأمور البتة ، وإذا لم يحصل الامتياز البتة ، لم يحصل التعدد البتة ، فيثبت : أن القول بالتعدد : محال.
الحجة الخامسة : إن وجود الإله الواحد كافي في حصول تدبير العالم. وأما الزائد عليه فهو غير معلوم بالضرورة ولا بالنظر ، فلا يجوز إثباته. أما أنه غير معلوم بالضرورة [فظاهر. وأما أنه غير معلوم بالنظر (٢)] فلأن الدليل الدال على وجود الصانع هو هذا العالم ، إما بحسب جوازه ، أو بحسب حدوثه. وعلى التقديرين فالصانع الواحد كافي. فيثبت : أن الصانع الثاني لم يعلم وجوده لا بالضرورة ولا بالنظر البتة. وإذا كان كذلك ، امتنع إثباته. فوجب الاقتصار على القول بالإله الواحد.
وهاهنا آخر الكلام في حكاية دلائل القائلين بالتوحيد.
أما القائلون بالتثنية فقد تعلقوا بأشياء.
الحجة الأولى : قالوا : وجدنا في هذا العالم خيرا ، وشرا ، ونفعا وضرا ولذة وألما ، وصحة وسقما ومرارا ومكروها. ومعلوم أن فاعل الخير خير ، وفاعل الشر شرير. والفاعل الواحد يمتنع أن يكون خيّرا وشريرا معا. وأن يكون ممدوحا ومذموما معا. فلا بد من فاعلين ليكون أحدهما خيرا ممدوحا ، ويكون الثاني شريرا مذموما.
الحجة الثانية : إن المفهوم من قولنا : واجب الوجود لذاته ، أمر لا يمتنع مفهومه من كونه مقولا على كثيرين. إذ لو كان نفس هذا المفهوم مانعا من هذه الكثرة ، لكان من تصور معنى واجب الوجود لذاته ، وجب أن يعلم ببديهة العقل ، أنه يمتنع كون هذا المفهوم مشتركا فيه بين كثيرين ، ولما لم يكن الأمر
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).