فخالق الكل يمتنع أن يكون متحيزا.
الثاني : إن اختصاص ذلك الجسم بالعلم والقدرة والإلهية إما أن يكون من الواجبات، أو من الجائزات. والأول باطل ، وإلا لزم أن تكون كل الأجسام موصوفة بتلك الصفات على سبيل الوجوب ، لما أنه ثبت : أن الأفراد الداخلة تحت النوع يجب كونها متساوية في جميع اللوازم ، والثاني باطل. وإلا لزم أن لا يحصل في ذلك الجسم المعين : هذه الصفات. إلا بجعل جاعل وتخصيص مخصص. فإن كان ذلك الجاعل جسما ، عاد الكلام فيه. ولزم إما التسلسل وإما الدور. وإن لم يكن جسما فهو المطلوب.
والثالث : [إن الأجسام (١)] لما كانت متماثلة ، فلو فرضنا بعضها قديما ، وبعضها محدثا لزم المحال. ذلك لأن كل ما صح على الشيء صح على مثله. فيلزم جواز أن ينقلب القديم محدثا ، وأن ينقلب المحدث قديما. وذلك محال ، معلوم الامتناع بالبديهة.
والرابع : إنه كما صح التفرق والتمزق على سائر الأجسام ، وجب أن يصحا على ذلك الجسم ، وكما صحت الزيادة والنقصان ، والعفونة والفساد على سائر الأجسام ، وجب أن يصح كل ذلك عليه. ومعلوم أن ذلك باطل محال.
الخامس : إن الأجزاء المفترضة في ذلك المجموع تكون متساوية في تمام الماهية. ولا شك أن بعض تلك الأجزاء وقع في العمق ، وبعضها في السطح وكل ما صح على الشيء صح على مثله ، فالذي وقع في العمق يمكن أن يقع في السطح وبالعكس. وإن كان الأمر كذلك ، كان وقوع كل جزء على الوجه الذي وقع عليه ، لا بد وأن يكون بتخصيص مخصص ، وبجعل جاعل. وذلك على إله العالم : محال.
__________________
(١) من (و).