واعلم : أن هذه الحجة قوية. إلا أنها توجب صحة الخرق والالتئام على الفلك. والفلاسفة لا يقولون به.
الحجة الثالثة : لو كان متحيزا لكان متناهيا ، وكل متناه ممكن. وواجب الوجود ليس بممكن ، فالمتحيز لا يكون واجب الوجود لذاته. أما بيان أن كل متحيز فهو متناه ، فللدلائل الدالة على تناهي الأبعاد ، وأما أن كل متناه ممكن ، فلأن كل مقدار فإنه يمكن فرض كونه أزيد منه قدرا ، وأنقص منه قدرا.
والعلم بثبوت هذا الإمكان ضروري. فيثبت : أن كل متحيز ممكن ، ويثبت أن واجب الوجود ليس بممكن ، ينتج : فلا شيء من المتحيزات بواجب الوجود ، وينعكس فلا شيء من واجب الوجود بمتحيز.
الحجة الرابعة : لو كان متحيزا لكان مساويا لسائر المتحيزات ، في كونه متحيزا. وإما أن يخالفها بعد ذلك في شيء من المقومات ، وإما ألا يكون كذلك وعلى التقدير الأول يكون المتحيز جنسا تحته أنواع وعلى التقدير الثاني يكون نوعا تحته أشخاص.
ونقول : الأول باطل. وإلا لكان واجب الوجود ، مركبا من الجنس ، وهو المتحيز ، ومن الفصل وهو المقوم الذي به يمتاز عن غيره ، وكل مركب ممكن ، فواجب الوجود لذاته ، ممكن الوجود لذاته. هذا خلف. والثاني أيضا باطل ، وهو أن يكون المتحيز نوعا تحته أشخاص ، وذلك لأن المفهوم من المتحيز قدر مشترك بين كل الأشخاص وتعين كل واحد منها غير مشترك بينه وبين الأشخاص ، فتعين كل واحد منها زائد على طبيعته النوعية ، والمقتضى لذلك التعين المعين إن كان هو تلك الماهية ، أو شيء من لوازمها ، وجب أن يكون ذلك النوع مخصوصا بذلك الشخص ، لكنا فرضناه مشتركا فيه بين الأشخاص.
هذا خلف.