سائر الجوانب ، أو يكون متناهيا من كل الجوانب ، والأقسام الثلاثة باطلة فالقول بكونه تعالى مختصا بالحيز والجهة باطل. أما الحصر فظاهر.
وأما بيان فساد القسم الأول ، وهو كونه تعالى غير متناه من كل الجوانب فهو باطل لوجوه :
الأول : الدلائل التي ذكرناها في امتناع وجود أبعاد غير متناهية.
والثاني : إنه لو كان غير متناهي الذات ، من كل الجوانب ، فحينئذ يلزم أن يكون العالم حاصلا في داخل ذات الله تعالى وهو محال. ولأنه يلزم أن تكون ذاته تعالى مخالطة للقاذورات والنجاسات ، وهو محال.
الثالث : إنه إذا كان حاصلا في جميع الجوانب ، فالحيز الذي منه حصل في جانب العلو ، إما أن يكون هو الذي حصل بعينه في السفل ، أو غيره. فإن كان الأول فقد حصل الشيء الواحد دفعة واحدة في أحياز غير متناهية. وذلك باطل. وإن كان الثاني لزم وقوع التركيب والتأليف في ذات الله ، وهو محال.
الرابع : إنا إذا جوزنا وجود شيء له أبعاد غير متناهية ، فحينئذ لا يمكننا إقامة الدلالة على أن أجسام العالم متناهية ، لأن كل دليل يذكر في وجوب تناهي الأجسام ، فإنه بعينه ينتقض بوجود الله تعالى. فإنه على هذا التقدير ممتدا امتدادا لا نهاية له.
وأما بيان فساد القسم الثاني وهو كونه متناهيا [في بعض الجوانب ، وغير متناه (١)] من سائر الجوانب. فهذا أيضا باطل لوجوه :
الأول : إن الدلائل الدالة على وجود أبعاد غير متناهية يبطل القول بها سواء كان غير متناه من جانب واحد أو من كل الجهات والجوانب.
والثاني : إن الجانب الذي هو غير متناه ، [والجانب الذي هو متناه (٢)] إما أن يكونا متساويين في تمام الماهية ، وإما أن لا يكونا كذلك. فإن كان الأول
__________________
(١) من (و).
(٢) من (س).