معلومة. وحينئذ يلزم التناقض. وأما إن قيل : إن موضوع هذه القضية هو تلك الحقيقة بحسب بعض صفاتها المعلومة ، أو بحسب بعض أحوالها المعلومة ، فحينئذ قد حكم على الأمر المعلوم من حيث إنه معلوم بأنه غير معلوم ، وذلك أيضا يوجب التناقض. فقد ظهر بما ذكرنا : أن قولنا : إن تلك الحقيقة ، غير معلومة : يوجب التناقض على جميع التقديرات.
الحجة الثانية : إن كل تصديق فإنه مسبوق بتصور الموضوع والمحمول ، فإذا أثبتنا الصفات لتلك الذات ، فالذي يجعل موضوعا لهذه الصفات ، إما أن يكون هو تلك الذات من حيث هي هي ، وإما أن يكون هو تلك الذات بحسب صفات أخرى ، فإن كان الأول فحينئذ يكون الموضوع لتلك المحمولات ، التي هي الصفات ، ليس إلا تلك الذات المخصوصة من حيث هي هي أن تكون معلومة ، وإن كان الثاني وهو أن موضوع هذه الصفات تلك الذات بحسب صفات أخرى ، فحينئذ ينتقل الكلام إلى كيفية استناد تلك الصفات. فإن أسندناها إلى صفات أخرى ، لزم التسلسل وهو محال ، أو الانتهاء إلى صفة نثبتها لتلك الذات من حيث هي هي ، وحينئذ يلزم كون تلك الذات معلومة [متصورة (١)] من حيث إن موضوع القضية يجب كونه معلوما.
الحجة الثالثة : إنا نعلم من الله تعالى شيئا. وذلك المعلوم إما الذات من حيث هي هي ، أو الصفة من حيث هي هي ، لا بحسب استنادها إلى تلك الذات ، أو بحسب استنادها إلى تلك الصفة (٢) فإن كان الأول لزم منه كوننا عالمين بتلك الذات ، وإن كان الثاني ، وهو أن نعلم تلك الصفات ، لا من حيث كونها مستندة إلى تلك الذات ، فهذا أيضا باطل. لأنا إذا علمنا العلم من حيث هو هو ، فهذا مغاير لما إذا علمنا أن الله تعالى موصوف بالعلم. وأما القسم الثالث وهو أنا نعلم تلك الصفات من حيث إنها قائمة بتلك الذات. فهذا العلم بمعرفة تلك الذات ، لأن العلم بحصول شيء لشيء آخر ، مشروط
__________________
(١) من (س).
(٢) الصفة (س) الذات (و).