معقول. فيثبت بهذا : أنه لم يبق عند العقل من لفظ الإرادة ، معنى يمكن إثباته في حق الله تعالى. فكان القول به باطلا. [ثم] (١) قالوا : لو كان العالم حادثا ، لوجب أن يقال : إنما حدث بقصد الفاعل وبإرادته (٢) ، والتالي محال. فالمقدم مثله. بيان الشرطية : هو أن العالم لما كان مستمر العدم من الأزل إلى ذلك الوقت [المعين] (٣) وذات الفاعل كانت موجودة من الأزل إلى ذلك الوقت المعين ، مع أنه في الأزل ما كان لتلك الذات أثر في خروج العالم من العدم إلى الوجود ، فلو حصل العالم في ذلك الوقت من غير أن يكون لذلك الفاعل قصد واختيار ، في إيقاعه. لكان وقوع العالم في ذلك الوقت دون ما قبله وما بعده : رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر من غير مرجح. وإنه محال.
وبيان أنه يمتنع أن يكون حدوث العالم في ذلك الوقت المعين ، بسبب القصد والاختيار : وجوه :
الحجة الأولى : إن ذلك القصد لو حصل ، لكان إما أن يكون قديما أو حادثا. والقسمان باطلان ، فالقول بوجود القصد : باطل. إنما قلنا أنه يمتنع كونه قديما ، لأن الإرادة القديمة ، لا معنى لها إلا أنه تعالى يريد في الأزل إحداث العالم في وقت معين لا يزال. وهذه الإرادة ليست [هي (٤)] نفس القصد إلى إيقاع الفعل في ذلك الوقت المعين ، عند حضور ذلك الوقت المعين والدليل عليه وجوه :
الأول : إن من عزم على أن يفعل بكرة الغد : فعلا معينا ، ثم جلس في بيت مظلم (٥) لا يميز فيه بين النهار وبين الليل ، واستمر على ذلك الجلوس إلى أن دخل بكرة الغد ، مع أنه لا يعلم أن ذلك الوقت المعين قد حضر ، فإنه
__________________
(١) من (ط)
(٢) وإرادته (ط)
(٣) من (ت)
(٤) من (ت)
(٥) معين (ط)