من العدم [والعدم] (١) خيرا منه ، والحكيم لا يفعل الشر.
فإن قالوا : السؤال عليه من وجوه :
الأول : أن (٢) الشر : عبارة عن العدم. ألا ترى أن من قتل إنسانا. فذلك القتل شر. وليس هو شر ، لأن الآلة كانت قطاعة ، ولا لأجل أن القاتل كان قادرا على استعمال تلك [الآلة] (٣) القطاعة بالقوة القوية ، ولا لأجل أن عنق المقتول ، كان قابلا للقطع ، فإن كل [ذلك] (٤) خيرات. بل إنما كان شرا ، لأنه زالت الحياة (٥) عن المحل القابل للحياة ، وهذا الزوال : عدم فثبت : أن الشر ليس إلا العدم. فكيف يقال : الوجود شر؟
الثاني : سلمنا أن الوجود قد يكون موصوفا بكونه شرا ، إلا أنه وإن حصل عند الوجود أنواع الخوف والألم ، فقد حصل أيضا أنواع السرور واللذة. فنقول :
أما الجواب عن السؤال الأول : فهو أنا نقول : مراد جميع العقلاء من الشر والمفسدة والبلاء : حصول الألم والغم. ولا شك أن الألم معنى وجودي. فيثبت : أن هذا الكلام الذي ذكرتموه في السؤال : لفظي محض. وأقول : لما كان هذا الكلام منقولا عن أكابر الحكماء ، وجب حمله على محمل صحيح ، فنقول : الشر إما أن يقع في الذات أو في الصفات أو في الأفعال. أما الشر في الذات : فليس إلا العدم ، وكذا القول في الصفات. فإن العمى والصم والبكم : شرور. وهي مفهومات عدمية ، لأن العمى عبارة عن عدم البصر ، عما من شأنه أن يكون بصيرا. وكذا القول في البواقي. وأما الشر في الأفعال : فمعناه : الإيلام. ولا شك أنه معنى موجود ، فعلى هذا يجب أن يقال : الشر
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) أنه عبارة (ت)
(٣) من (ط)
(٤) من (س)
(٥) الخيرة على (ت)