فنقول : هذه الصفة إما أن تكون سلبية أو ثبوتية. والأول باطل ، لأن الشيء إما أن يكون ممتنع الثبوت ، أو ممكن الثبوت بالإمكان العام. والامتناع عدم محض. إذ لو كان صفة ثبوتية ، لكان الموصوف بتلك الصفة أولى بأن يكون ثابتا ، فيلزم أن يكون ممتنع الثبوت لذاته ، واجب [الثبوت] (١) لذاته ، وهو محال ، وإذا ثبت أنه لا واسطة بين الامتناع ، وبين الإمكان العام ، وثبت أن الامتناع [ليس (٢)] صفة ثبوتية ، وجب أن يكون الإمكان العام صفة ثابتة. ضرورة أنه لا بد وأن يكون أحد النقيضين : أمرا ثابتا. فيثبت : أن الإمكان أمر عائد إلى الممكن ، مغاير لكون القادر متمكنا من إيجاده ، وثبت : أنه صفة ثبوتية ، وثبت: أنه سابق على وجود المحدث. فتلك الصفة لا بد لها من محل موجود ، وذلك المحل الموجود هو هيولى ذلك المحدث ومادته. فإنه لا معنى للهيولى إلا الذي حصل فيه إمكان حدوث تلك الصورة. فيثبت : أن كل محدث فإنه مسبوق بهيولى ، ومادة. فنقول : تلك الهيولى والمادة إما أن يكون متحيزا وإما أن لا يكون كذلك. فإن كان متحيزا فهو الجسم ، فهيولى الجسم جسم ، والهيولى قديمة. فالجسم قديم.
وإن لم يكن متحيزا ، فنقول : هذا باطل من وجهين :
الأول : إنه يلزم أن يكون البعد والامتداد حالا في محل ، لا حصول له في الحيز والجهة أصلا. وذلك محال.
والثاني : إن هذه الهيولي لو صح القول به ، فإن الفلاسفة أقاموا الدليل على أنه يمتنع خلوها عن الجسمية. وحينئذ لزم من قدم الهيولى ، قدم الجسم. فهذا تمام القول في تقرير هذه الشبهة.
واعلم أن الكلام على هذه الحجة : أن يقال : لا نسلم أن الإمكان صفة موجودة. ويدل عليه وجوه :
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ت)