الزمان. والمفتقر إلى أمور ثلاثة : مرجوح بالنسبة إلى ما يكون مكتفيا بأحد ذينك الأمرين.
ولقائل أن يقول : لو كان الحدوث مفتقرا إلى هذه الأمور الثلاثة ، لافتقر كل واحد منها إلى ثلاثة أخرى.
الثالث : لو كان ظن التغير معلولا لظن البقاء ، لما فهم أحد شيئا من كلام أحد. لأنه لما كان احتمال بقاء تلك الألفاظ ، دالة على الموضوعات السابقة ، معادلة لزوال تلك الدلالة ، لم يسارع الفهم إلى جانب البقاء ، بل بقي مترددا وحينئذ يلزم أن لا يحصل الفهم. وحيث حصل ، علمنا أن ذلك ، إنما كان لأجل أن اعتقاد البقاء على ما كان : راجح على اعتقاد الزوال عما كان.
الرابع : أن من خرج عن بلد ، وكان قد شاهد بعض جوانب تلك البلدة معمورا ، والجانب الآخر [منه (١)] خرابا. فإنه بعد خروجه عن ذلك البلد ، وغيبته عنه بمدة مديدة، فإنه يبقى ظنه في الجانب الذي كان معمورا [أنه بقي معمورا (٢)] وفي الجانب [الذي رآه خرابا (٣)] أنه بقي خرابا ولا يرجع عن هذا الحكم إلا لدليل منفصل. [وذلك (٤)] يدل على أن البديهة حاكمة : بأن الأصل في كل أمر بقاؤه على ما كان.
الخامس : أنه إذا خرج من بلد ، فإنه يكتب إلى أقاربه ، [وأصدقائه (٥)] وما ذاك إلا لأن ظن البقاء ، راجح على ظن الزوال. فيثبت بهذه الوجوه : أن الأصل في كل أمر ، بقاؤه على ما كان. ويثبت : أن التغير لا يجوز إثباته إلا بدليل منفصل.
إذا ثبت هذا ، فنقول : الأصل في هذه الأجسام ، الموصوفة بهذه
__________________
(١) من (س)
(٢) من (ط ، س)
(٣) من (ت)
(٤) من (ت)
(٥) من (ت)