الفلكية إلى أفلاك أخرى ، ولزم الذهاب إلى ما لا نهاية له. وهو محال. فظهر الفرق.
الحجة الخامسة : قالوا : خلق هذا العالم. هل كان صوابا وحكمة ، وخيرا ، أم لا؟ والقسم الثاني باطل ، وإلا لكان يجب على الخير الرحيم الحكيم أن لا يفعل ، لكنه قد فعله فيبقى الأول ، فنقول : والوجه الذي باعتباره كان صوابا وحكمة وخيرا ، هل بقي أو لم يبق؟ فإن بقي كان نقض هذا العالم وإبطاله شرا. وكان فاعله شريرا. وإن لم يبق ، فذلك التغير حصل لذاته أو بذلك الفاعل؟ فإن حصل لذاته ، فقد جوزتم أن ينقلب الخير شرا لذاته من غير فاعل. وإذا جوزتم ذلك في بعض الحوادث ، فجوزوا مثله في البقية. وذلك يفتح عليكم باب تجويز حدوث الحوادث ، لا لمؤثر أصلا. وإن كان ذلك لأجل أن ذلك الفاعل قلبه من كونه خيّرا ، إلى كونه شريرا ، عاد التقسيم الأول فيه.
الحجة السادسة : إن خلق هذا العالم : إحسانا إلى المحتاجين. وقطع الإحسان لا يكون إلا للعجز أو الجهل أو البخل. والكل على الله : محال.
الحجة السابعة (١) : إن الزمان لو انقطع ، لكان عدمه بعد وجوده. وتلك البعدية بالزمان. فيلزمكم (٢) : كون الزمان موجودا ، حال كونه معدوما. وذلك محال.
الحجة الثامنة : ما ذكره «جالينوس» فقال : «لو كانت الأفلاك والكواكب تبطل وتنهدم ، لوجب أن يظهر فيها آثار الخراب والانهدام قليلا قليلا ، لكنا لم نحس بذلك البتة ، ولم يصل إلينا خبر من التواريخ الماضية ، بأن أحوال الأفلاك والكواكب ، قد تغيرت من الكمال إلى النقصان» فيبطل القول بذلك.
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) فيلزم (ط ، س)