بمؤثر قديم ، وهما وإن كانا مشتركين في الدوام ، إلا أن أحدهما ممكن لذاته ، والآخر واجب لذاته. فكان الممكن لذاته محتاجا إلى المرجح ، وكان الواجب لذاته غنيا عن المؤثر. فكان تعليل أحدهما بالآخر ، أولى من تعليل الآخر بالأول. وإذا ثبت أن هذا المعنى غير ممتنع في الجملة ، فقد بطل قول من ادعى أن ذلك محال.
واعلم أن المؤثر على قسمين :
أحدهما : الفاعل المختار.
والثاني : العلة الموجبة.
إذا ثبت هذا فنقول : إن الفلاسفة والمتكلمين. اتفقوا على أن إسناد الأثر القديم [إلى الفاعل المختار : محال. واتفقوا على أن إسناد الأثر القديم (١)] إلى العلة القديمة : غير ممتنع. إلا أن الفلاسفة لما اعتقدوا : أن إله العالم موجب بالذات ، لا جرم قالوا : لا يمتنع إسناد العالم القديم إليه.
وأما المتكلمون : لما اعتقدوا أن إله العالم فاعل مختار ، لا جرم اتفقوا على أنه يمتنع إسناد الأثر القديم إليه.
هذا هو الكلام المعقول في هذا الباب.
ثم نقول : الذي يدل على أنه لا يمتنع إسناد الأثر القديم إلى المؤثر القديم. وجوه :
الحجة الأولى : أن نقول : الممكن حال بقائه بقي ممكنا. وكل ممكن فلا بد له من سبب. فالممكن حال بقائه مفتقر إلى السبب. وذلك يدل على أن كونه باقيا ، لا يمنع من افتقاره إلى السبب.
أما بيان أن الممكن حال بقائه ، بقي ممكنا : فلأن الإمكان. إما أن
__________________
(١) من (ط ، ت)