مؤثرية ، أن تكون حادثة ، وإلا لافتقرت إلى مؤثرية أخرى ، ويلزم التسلسل. فالمؤثريات لا بد وأن تنتهي بالآخرة ، إلى مؤثرية دائمة. فيكون ذلك الأثر دائما. وذلك يبطل القول بأن تأثير الشيء في الشيء : مشروط بالحدوث.
الحجة الثالثة عشر : إن علة الحاجة لو كانت هي الحدوث ، لاستغنت المتحركية عن الحركة حال دوامها ، ولاستغنت العالمية عن العلم حال دوامها. والمتكلمون : لا يقولون به. ولا يستغني العلم عن الحياة حال دوامه.
الحجة الرابعة عشر : إن اللوازم الخارجية معلولات الماهيات (١). مثلا : كون الثلاثة فردا ، والأربعة زوجا : أوصاف خارجة عن الماهية ، لازمة لها. والدليل عليه : أنه إذا حصل ثلاثة وحدات ، فقد حصلت الثلاثة. فالمقوم لماهية الثلاثة : اجتماع الوحدات الثلاثة. ثم إذا تمت هذه الماهية ، ترتب عليها كونها فردا. فالفردية صفة من صفاتها ، ولاحق من لواحقها. وهذا اللاحق لا يكون موجودا قائما بنفسه ، بل لا بد له من ماهية يكون هو ، لاحقا لها ، وصفة من صفاتها. وكل ما افتقر إلى غيره ، فهو ممكن لذاته. وكل ممكن لذاته ، فلا بد له من مؤثر. ولا مؤثر في حصول هذا اللاحق ، إلا هذه الماهية. فيثبت : أن كون الثلاثة : ثلاثة ، يوجب الفردية. وكون الأربعة : أربعة يوجب الزوجية. ثم إنه لا يعقل خلو الثلاثة عن الفردية البتة ، ولا خلو الأربعة عن الزوجية البتة.
وهذا برهان قاطع على أن افتقار المعلول إلى العلة ، غير مشروط بكون المعلول محدثا.
وهاهنا آخر الكلام في مباحث القائلين بالقدم. والله أعلم.
__________________
(١) الماهية (ط ، ت)