المتحرك. فيثبت : أن الجسم متى كان موجودا ، وجب أن يكون ، إما متحركا ، وإما ساكنا.
فإن قيل : لا نسلم أن الجسم كلما (١) كان موجودا ، وجب أن يكون متحيزا. وذلك لأن من الناس [من قال (٢)] :
الحجمية والتحيز صفة قائمة بمحل ، وذلك المحل في نفسه ، ليس بحجم ولا بمتحيز. ويسمون ذلك المحل : بالهيولى. وهذه الحجمية : بالصورة. فلم لا يجوز أن يكون الأمر كذلك؟ وبتقدير أن تكون تلك الذات خالية عن الحجمية ، لم يجب كونها حاصلة في حيز أصلا؟ وحينئذ يبطل كلامهم.
سلمنا (٣) أن الجسم كلما كان موجودا ، كان متحيزا. لكن قولكم : «وكل ما كان كذلك ، وجب أن يكون حاصلا في حيز معين» كلام مبني على تصور أصل الحيز ، فما المراد من هذا الحيز ، الذي جعلتموه ظرفا لهذا الجسم؟ وتقريره أن نقول : هذا الشيء المسمى بالحيز ، إما أن يقال : إنه عدم محض ، ونفي صرف. وإما أن يكون موجودا.
فإن كان الحق هو الأول ، امتنع كون الجسم واجب الحصول فيه. لأن جعل المعدوم ظرفا للموجود محال. وأما إن كان موجودا ، فإما أن يكون مشارا إليه بحسب الحس ، أو غير مشار إليه. والأول باطل. لأن المشار إليه ، بحسب الحس إما أن يكون [كذلك (٤)] بحسب الاستقلال ، أو بحسب التبعية. فإن كان الأول فهو الجسم (٥) فالقول بأن الجسم حاصل في الحيز يكون معناه : أن الجسم حاصل في الجسم. فإن كان المراد من هذه الظرفية : الزمان فحينئذ يلزم تداخل الأجسام ، وإن كان المراد منها المماسة ، لزم أن يكون كل جسم متصلا بجسم آخر ، إلى غير النهاية. وهو محال.
__________________
(١) متى كان (ط)
(٢) من (ط ، ت)
(٣) سلمت (ط ، ت)
(٤) من (ط ، س)
(٥) المتحيز (ط ، س)