له ، وهم أصحاب أنكساغورس.
فهذا كله مذاهب القائلين بأن المادة الأولى هي الجسم [والله أعلم (١)]
القول الثاني : قول القائلين بأن المادة الأولى ليست هي الجسم ، بل المادة الأولى شيء آخر تحدث الجسمية فيه. وذلك الشيء هو المادة الأولى. والقائلون بهذا القول اختلفوا على وجوه :
[فالوجه (٢)] الأول : إن ذات الجسم مركبة (٣) من الهيولي والصورة. ومعنى هذا الكلام : أن الجسمية والحجمية ليست ذاتا قائمة بنفسها ، وإنما هي حالة في محل ، وذلك المحل إذا اعتبرناه من حيث [هو (٤)] كان موجودا ، ليس له حجمية ولا تحيز ، وكان مجردا عن الحيز والجهة ، فإذا حلت الجسمية فيه ، حصل الجسم المتحيز. والقائلون بهذا القول فريقان : منهم من قال : إن ذلك المحل موجود قائم بنفسه ، ليس له تحيز ولا حجمية ولا حصول في الحيز ، وهذا هو قول أبي نصر الفارابي ، وأبي علي ابن سينا ، وهو مذهب أفلاطون وأرسطاطاليس ، ثم إن هذه الهيولى عند أفلاطون كانت خالية عن الجسمية والحجمية ، وهي قديمة أزلية. وأما الجسمية والتحيز فصفة حادثة ، ولها أول. ومنهم من قال: إن تلك الهيولى ذوات معدومة ، وهذا هو قول القائلين بأن المعدوم شيء. [وبالله التوفيق (٥)]
القول الثاني للقائلين بالهيولى : قول من قول : إن الأجسام ، إنما تتولد من الكيفيات، التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. وفي الأمة قوم يقولون بهذا (٦) القول ، وكذلك في القدماء أقوام يقولون بهذا القول. فهؤلاء قالوا : هذه الكيفيات موجودة في الأزل ، ثم إنه حدثت الجسمية فيها ، فيما لا يزال ، فحدثت الأجسام البسيطة من مفرداتها ، والمركبة من امتزاجاتها.
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ت)
(٣) مركب (ط)
(٤) من (ت)
(٥) من (ط)
(٦) هذا (ت)