مسبوقا بالعدم. وهذا الشيء قد أخذناه بشرط كونه مسبوقا بالعدم ، فكان كونه أزليا : محال. فكذا هاهنا.
وأما السؤال الثالث : فجوابه : أن الشرط في كون الحادث حادثا : أن يكون مسبوقا بالعدم. وليس الشرط في كونه حادثا : كونه ملحوقا بالعدم. فيثبت : أن حصول العدم قبل وجود (١) الحادث : واجب. أما حصول العدم بعده : فليس بواجب. فظهر الفرق.
وأما السؤال الرابع : فقد سبق الكلام فيه [والله أعلم (٢)]
الحجة الخامسة في بيان أنه لا بد للحوادث من أول : أن نقول : الحوادث بأسرها فعل فاعل مختار ، وكل ما كان كذلك ، فله أول. فالحوادث بأسرها يجب أن يكون لها أول.
بيان المقدمة الأولى :
إنّ هذه الحركات أمور حادثة ، وكل حادث فله مؤثر ، وذلك المؤثر إما أن يكون موجبا ، وإما أن يكون مختارا. لا جائز أن يكون ذلك المؤثر موجبا ، لأن الموجب يلزم من دوامه ، دوام الموجب. فلو كان المؤثر في وجود كل جزء من الأجزاء المفترضة في الحركة الفلكية موجبا بالذات ، لوجب أن يدوم ذلك الجزء من الحركة بدوام ذلك الموجب ، لكن دوام جزء من أجزاء الحركة محال. لأن ذلك الجزء المعين من الحركة ، عبارة عن حصول الجسم في ذلك الحيز المعين ، بعد أن كان حاصلا في حيز آخر. ولو بقيت هذه الحالة لصار سكونا لا حركة. فيثبت : أن القول ببقاء الجزء المعين من الحركة يوجب عدم الحركة ، والتقدير تقدير بقاء الحركة. فثبت : أن المؤثر في وجود الحركة ، يمتنع أن يكون موجبا بالذات. فلا بد وأن يكون فاعلا بالاختيار [والفاعل بالاختيار (٣)] يجب كونه سابقا على فعله ، فوجب أن يكون فاعل حركات الأفلاك ، سابقا في
__________________
(١) حدوث (ط)
(٢) من (ت ، ط)
(٣) من (ط)