توجب نفي القبلية والبعدية والتقدم والتأخر ، قبل حدوث ذلك المبدأ. وصريح العقل شاهد بأن هذه الأمور كانت حاصلة.
وتمام الكلام في هذا المقام : مذكور في باب الزمان ، في الفصل الذي نبين فيه : أن العلم بوجود المدة والزمان : علم بديهي لا يمكن إزالته عن العقل البتة. ويرجع حاصل الكلام: إلى أن دلائلكم توجب فساد ما علمت صحته بالبديهة ، فوجب القطع بفساد هذه الدلائل.
قال المتكلمون : لو كان العلم بوجوب حصول القبلية والبعدية والتقدم والتأخر ، علما بديهيا لما وقع الخلاف فيه بين العقلاء. ولما وقع الخلاف فيه : علمنا أن ذلك ليس من البديهيات.
قالت الفلاسفة : المعتبر في تمييز البديهيات عن النظريات : الفطر السليمة الباقية على السلامة الأصلية. وأهل الجدل من المتكلمين قد فسدت فطرة نفوسهم الأصلية ، بسبب المواظبة على المجادلات والمنازعات. وأما من لم يمارس الجدل [والنظر (١)] فإنه تشهد فطرته بأن كل أمر حدث بعد أن لم يكن ، فعدمه سابق على وجوده ، فيكون [معنى (٢)] القبلية والسبق حاصلا قبل ذلك الحادث.
أجاب المتكلمون عنه : بأن هذا مجرد وهم وخيال ، ولا عبرة بهما البتة. فهذا منتهى الكلام في هذا الباب. والله أعلم [بالصواب (٣)]
__________________
(١) من (ت ، ط)
(٢) من (ط)
(٣) من (ت ، ط)