الثاني : إنكم قلتم : الحركة عبارة عن كون الجسم متنقلا من الحيز [الأول (١)] إلى الحيز الثاني. فنقول : حال ما صدق عليه : أنه خرج من الحيز الأول ، ولم يصل إلى الحيز الثاني. هل هو حاصل في حيز أم لا
والثاني : باطل. لأن ذلك يقتضي أن يكون الجسم حال وجوده غير حاصل في حيز أصلا ، وهو محال. والأول يقتضي أنه كان حاصلا في حيز ، فحال ما صدق عليه ، أنه خرج عن الحيز الأول ، فقد صدق عليه أنه حصل في حيز آخر. وكنا قد فرضنا : أنه في هذه الحالة غير حاصل (٢) في حيز آخر. هذا خلف.
الثالث : إن كلامكم يوجب حصول واسطة بين العدم والوجود. فإنه يقال : إنه حال ما يخرج من العدم إلى الوجود ، وجب أن لا يكون معدوما. إذ لو كان معدوما ، فهو بعد باق على عدمه الأصلي ، فلم يكن منتقلا من ذلك العدم. ولو كان موجودا ، لكان قد تم ذلك الخروج [وانتهى (٣)] وانقطع. فوجب أن يقال : إنه حال خروجه من العدم إلى الوجود ، لا يكون موجودا ولا معدوما. ولما كان هذا خيالا كاذبا ، ووهما فاسدا ، لأجل أن العقل قاطع بأنه لا توسط بين العدم وبين الوجود ، فكذا هاهنا : المتحيز ، إما أن يكون حاصلا في الحيز الأول ، أو في الثاني. وأما كونه منتقلا من الحيز الأول إلى الحيز الثاني ، فهو أمر خيالي وهمي. وهو كاذب فاسد ، لا التفات إليه [والله أعلم (٤)].
الحجة الثانية على أن السكون صفة موجودة : هي : أن السكون عبارة عن كون الجسم حاصلا في حيز معين ، أكثر من زمان واحد. والمعقول من كونه جسما ، غير المعقول من كونه حاصلا في ذلك الحيز المعين ، وذلك المغاير
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) لم يحصل (ت)
(٣) من (س)
(٤) من (ت)