أمر ثابت. فيفتقر هاهنا إلى بيان مقامين :
المقام الأول : إثبات المغايرة. والدليل عليه وجوه :
الأول : إنه يمكننا تعقل ذات ذلك الجسم ، مع الذهول عن كونه حاصلا في ذلك الحيز. والمعلوم مغاير لما هو غير معلوم.
والثاني : إن ذات الجسم قائمة بنفسها ، والمعقول من كونه حاصلا في ذلك الحيز المعين : نسبة مخصوصة ، وإضافة [مخصوصة (١)] فتكون إحداهما مغايرة للأخرى.
والثالث : إنا إذا قلنا : الجسم جسم. كان كلامنا مكررا غير مفيد. وإذا قلنا : الجسم حاصل في هذا الحيز. كان كلامنا مفيدا وذلك يوجب المغايرة.
والرابع : إن الجسم إذا خرج عن ذلك الحيز الذي كان ساكنا فيه ، فإنه يصح أن يقال : إن تلك الذات باقية ، إلا أن حصولها في ذلك الحيز غير باق. والباقي مغاير لما هو غير باق.
والخامس : إن الحركة منافية للسكون ، وغير منافية لذات الجسم. وذلك يوجب التغاير ، وفي هذه الدلائل مباحثات عميقة. ذكرناها في كتاب «أحكام الوجود» في باب «أن الوجود ، هل هو زائد على الماهية أم لا؟»
وأما المقام الثاني : فهو بيان أن هذا المفهوم المغاير أمر ثابت. والدليل عليه : أن صريح العقل ، حكم بأن كونه حاصلا في الحيز ، مناقض لكونه غير حاصل في الحيز ، والمعقول من كونه غير حاصل في الحيز : عدم محض ، فوجب أن يكون المفهوم من كونه حاصلا في الحيز أمرا موجودا.
__________________
(١) من (ط)