الحجة الرابعة : وهي إلزامية. وهي أن الأجسام ، إما فلكية ، وإما عنصرية. أما الفلكيات فإنه يجب كونها متحركة ، على مذهب الفلاسفة. وأما العنصريات فإن كل واحد من أجزاء العنصر الواحد ، يمكن كونه متحركا. وذلك يدل على أن جميع الأجسام قابلة للحركة.
الحجة الخامسة : أن نقول : لا شك أن هذه الأجسام المحسوسة ، تخرج عن أحيازها ، وإذا خرجت عن أحيازها ، وزالت من إخراجها عن تلك الأحياز ، فإنها لا تعتد بطابعها إلى الأحياز المتقدمة ، وذلك يدل على أن هذه الأجزاء لا يجب حصولها في أحياز معينة ، وأنه يمكن خروجها عن تلك الأحياز المعينة ، وذلك كاف في إقامة الدليل على حدوث هذه الأجسام.
ثم إذا ثبت هذا المطلوب في هذه الأجسام ، ثبت أيضا في سائر الأجسام بالبناء على وجوب تماثل الأجسام.
واعلم أن المجسمة والكرّامية ، وكل من زعم أن الله مختص بحيز معين ، وحاصل في جهة معينة ، فإنه لا يمكنه تقرير هذه الدلائل البتة. لأنها بأسرها تصير منقوضة على قوله بذات الله تعالى.
المسألة الثالثة في بيان أن السكون محدث : فنقول : الدليل عليه : أن السكون جائز الزوال ، وكل ما كان كذلك ، فإنه يمتنع أن يكون أزليا. إنما قلنا : إن كل سكون جائز الزوال ، لأن كل جسم فإنه يصح خروجه عن حيزه ، وإذا خرج [عن حيزه (١)] فإنه لا بد وأن يعدم حال كونه حاصلا في ذلك الحيز ، وذلك يقتضي أن كل سكون فإنه جائز الزوال. فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : إن الجسم إذا خرج عن ذلك الحيز ، فإن ذلك السكون لا يصير معدوما ، بل نقول : إنه يصير كامنا بعد أن كان ذلك ظاهرا ، أو يقال : إن ذلك السكون ينتقل من ذلك الجسم إلى جسم آخر ، أو يقال : إنه ينتقل إلى لا في محل؟
__________________
(١) مرادنا (ت)