الزوال. فهو بعينه أيضا يدل على أن العدم الأزلي ، ممتنع الزوال. ولو صح هذا ، لوجب كون العالم قديما أزليا ، على ما سبق تقريره. وحيث فسد هذا ، علمنا : أن الأزلي جائز الزوال.
فهذه الأسئلة السبعة جارية مجرى النقوض على الذي ذكرتموه في تقرير : أن الأزلي لا يزول.
ثم إنا بعد هذه النقوض ، نعترض على الدليل الذي ذكرتم : فنقول ما (١) الدليل على أن القديم لا يصح عليه العدم؟
قوله : «هذا الأزلي ، إما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممكنا لذاته. فإن كان واجبا لذاته ، لزم القول بوجوب دوامه ، وإن كان ممكنا ، افتقر إلى مؤثر [وذلك المؤثر (٢)] إما موجب أو مختار» فنقول : صحة وجود العالم ، إما أن تكون واجبة لذاتها ، وإما أن تكون ممكنة لذاتها. فإن كانت واجبة لذاتها ، وجب كونها دائمة الثبوت ، فيكون صحة وجود العالم ، حاصلة في الأزل. ودليلكم يوجب امتناع وجود العالم في الأزل. والصحة والامتناع متناقضان (٣) فلما ثبت [القول (٤)] بدوام الصحة ، فسد القول بثبوت الامتناع في الأزل ، ولئن جاز أن يقال : الصحة واجبة الثبوت لذاتها ، مع أنها غير دائمة. فلم لا يجوز أيضا : أن يقال : إن ذلك القديم واجب الثبوت لذاته ، مع أنه غير دائم الثبوت؟ وأما إن كانت هذه الصحة ، ممكنة الثبوت لذاتها. فنقول : حدوث هذه الصحة ، إما أن يكون لمؤثر أو لا لمؤثر. والأول باطل. لأن كل ما حصل بمؤثر ، فعند فرض عدم ذلك المؤثر ، يرتفع ذلك الأثر ، فعند فرض عدم ذلك المؤثر ، يلزم أن لا يبق الممكن ممكنا في نفسه ، بل ينقلب ممتنعا لذاته. وذلك باطل. والثاني يوجب القول بأن تلك الصحة حصلت بعد عدمها ، لا لمؤثر. وإذا جاز ذلك ، فلم لا يجوز أن يقال : إن ذلك الأزلي يصير معدوما ، بعد أن
__________________
(١) أما (ت)
(٢) من (ط)
(٣) متنافيان (ط)
(٤) من (ت)