كان موجودا ـ لا لمؤثر. وهذا سؤال غامض.
السؤال الثاني : أن نقول : إن كان الموجود الممكن ، لا بد له من علة ، فالعدم الممكن أيضا لا بد له من علة. فعدم وجود العالم في الأزل ، وعدم موجودية الله [تعالى (١)] في الأزل ، لا بد له من علة. ويعود التقسيم المذكور فيه ، إلى آخره.
السؤال الثالث : لو كان العالم حادثا ، لكان حدوثه مختصا بوقت معين. فالفاعل الذي خصص إحداثه بذلك الوقت [المعين (٢)] إن امتنع منه أن يحدثه في غير ذلك الوقت، فحينئذ يكون موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار. ثم يلزم من كونه موجبا بالذات ، قدم العالم. وأما إن جاز من ذلك الفاعل ، أن يحدث العالم في ذلك الوقت ، وأن يحدثه في غيره ، بدلا عن الأول. فحينئذ إما أن يكون ذلك الترجيح (٣) موقوفا على المرجح ، أو لا يكون كذلك. والأول باطل ، لأن الكلام في اختصاص ذلك الوقت بذلك المرجح ، كالكلام في اختصاصه بذلك الحادث ، ويعود الطلب فيه بعينه ، ويمر إلى ما لا نهاية له. فيبقى القسم الثاني ، وهو أن يقال : اختصاص ذلك الوقت بهذا الأثر : رجحان لا لمرجح. فنقول : إذا جاز هذا ، فلم لا يجوز أيضا : أن يعدم القديم بعد وجوده لا لمرجح ، ولا لمخصص؟ فإنه ليس أحد البابين أظهر امتناعا وفسادا عند العقل من الثاني (٤)
السؤال الرابع : سلمنا أن ذلك القديم ، لو عدم بعد وجوده ، فلا بد له من مرجح. فلم لا يجوز أن يكون ذلك المرجح [قادرا (٥)؟] قوله : «كل ما كان فعلا ، لفاعل مختار فهو محدث» قلنا : هذا معارض بالوجوه الكثيرة المذكورة في بيان أن استناد الأثر إلى المؤثر غير مشروط بالحدوث.
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ط ، س)
(٣) ترجيحا (ت)
(٤) الآخر (ط)
(٥) من (ت)