السؤال الخامس : سلمنا أن ذلك المؤثر موجب ، فلم يلزم من دوامه : دوام المعلول؟ بيانه : أن [المؤثر (١) أالموجود لا يبعد أن يتوقف تأثيره في معلوله على شرط عدمي. ألا ترى أن الثقل يوجب نزول الثقيل ، بشرط عدم السلسلة العائقة عن النزول ، وأنتم جوزتم في العدم الأزلي : أن يزول. وإذا ثبت هذا ، فنقول : لم لا يجوز أن يقال : الموجود الواجب لذاته ، كان علة لوجود ذلك القديم ، إلا أن ذلك التأثير ، كان مشروطا بشرط عدمي أزلي. ثم إن ذلك الشرط العدمي الأزلي ، قد زال. فلا جرم زال ذلك المعلول.
فهذه جملة المباحث المتوجهة على هذا الدليل [والله أعلم (٢)]
والجواب : إن بديهة العقل حاكمة : بأن الموجود. إما واجب لذاته ، أو ممكن لذاته. والبديهة حاكمة : بأن الواجب لذاته ، لا يقبل العدم [والبديهة شاهدة : بأن ذلك الواجب لذاته. إما أن يكون مختارا ، أو موجبا (٣)] والبديهة [حاكمة : بأن الممكن لذاته ، لا بد وأن ينتهي إلى الواجب لذاته ، إما بغير واسطة ، أو بواسطة واحدة ، أو بوسائط كثيرة. ثم إن (٤)] البديهة شاهدة : بأن معلول الواجب لذاته ، لا بد وأن يدوم بدوام تلك العلة ، وحيث لم يكن ذلك المؤثر [موجبا (٥)] وإذا بطل هذا ثبت أن المؤثر فاعل مختار. والبديهة شاهدة : بأن كل ما كان فعلا لفاعل [مختار (٦)] فهو محدث. فيثبت بهذا : أن كل ما صح العدم عليه. فالقديم وجب أن لا يصح [عليه (٧)] العدم. وما ذكرتموه من السؤالات جارى مجرى القدح في الضروريات. فلا يلتفت إليه [والله أعلم (٨)]
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ت)
(٣) من (ت)
(٤) من (ط ، س)
(٥) من (ت)
(٦) من (ت)
(٧) من (ط ، س)
(٨) من (ت)