وثانيها : إن تأثير الشمس في النبات ، بسبب الحركة اليومية محسوس. والدليل عليه: أن الريحان الذي يقال له : النيلوفر ، والأذيرون ، وورق الخروع ، وغيرها فإنها تنمو ، وتزداد عند أخذ الشمس في الارتفاع والصعود. فإذا غابت الشمس ضعفت وذبلت.
وثالثها : إن الزروع والنباتات لا تنمو ولا تنشأ ، إلا في المواضع التي تطلع عليها الشمس ، أو يصل إليها قوة حرها.
ورابعها : إن وجود بعض أنواع النبات في بعض البلاد [في الحر والبرد (١)] دون البعض ، لا سبب له [إلا اختلاف البلدان في الحر والبرد ، الذي لا سبب له (٢)] إلا حركة النير الأعظم ، فإن النخيل ينبت في البلاد الحارة ، ولا ينبت في البلاد الباردة. وكذلك [شجر (٣)] الأترج ، والليمون والموز ، لا ينبت في البلاد الباردة. وفي الإقليم الأول تنبت الأفاوية الهندية التي لا تنبت في سائر الأقاليم. وفي البلاد الجنوبية التي وراء خط الإستواء تنبت أشجار وفواكه وحشائش ، لا يعرف شيء منها في بلاد الشمال. وأما الحيوانات فيختلف الحال في توالدها باختلاف حرارة البلاد برودتها ، فإن الفيل والعلقم والببر ، توجد في أرض الهند ، ولا توجد في سائر الأقاليم التي تكون دونها في الحرارة. وكذلك المسك والكركدن. وقد يوجد بعضها في البلاد التي هي أشد حرارة من بلاد الهند ، فإن الفيلة توجد في سائر البلدان. حتى في البلاد الجنوبية التي هي بلاد السودان ، أعظم جسوما وأطول أعمارا. وأما انعقاد الأجسام السبعة ، والأحجار والمعادن. فمعلوم : أن السبب فيها بخارات تتولد في باطن الأرض بسبب تأثير الشمس. فإذا اختفت تلك البخارات في قعور الجبال ، وأثرت الشمس في نضجها ، تولدت المعادن. وأما الأمطار وسائر الآثار العلوية ، فلا شك في أن تكونها من الأبخرة والأدخنة ، ولا شك أن تولدها بقوة الشمس.
فلنكتف بهذا القدر من منافع الشمس.
__________________
(١) من (س)
(٣) من (ت).
(٢) من (ت)