العاشرة : قد دللنا على أن الفاعلية صفة مغايرة للمفعول ، وهي قائمة بذات الفاعل ، فتلك الذات مؤثرة في حصول تلك الفاعلية وقابلة لها ، فالفاعل قابل. وقد دللنا على أن القابلية صفة قائمة بذات القابل. والمؤثر في حصولها تلك الذات ، والقابل (١) فاعل. فعلى كلا التقديرين : الشيء الواحد قابل وفاعل معا.
الحادية عشر : أليس أن بعض الماهيات لازمة للبعض؟ فذلك اللزوم مغاير لذات الملزوم [ولذات اللازم (٢)] ثم المؤثر في ذلك الاستلزام هو تلك الذات ، والموصوف به أيضا تلك الذات ، فقد عاد الحديث من أن الواحد قابل وفاعل معا.
الثانية عشر : لا نزاع في أنّ في الممكنات ما يكون علّة لغيره. مثل : إن العفونة توجب الحمّى. فالسبب ممكن ، فيكون قابلا للوجود من غيره (٣) وهو علّة تغيّره ، فيكون فاعلا لغيره. فالشيء الواحد قابل وفاعل معا.
فهذه اثنتي عشرة صورة (٤) تدل على فساد قولهم : «إن الشيء [الواحد (٥)] يمتنع أن يكون قابلا وفاعلا معا».
أما قوله ثانيا : «الهيوليات متساوية ، فوجب أن يتشابه الأثر».
فنقول : هذا من العجائب. فإنكم أنتم الذين قلتم : إن هيولى كل فلك ، مخالفة بالماهية لهيولى الفلك الآخر. فكيف تركتم هذا المذهب في هذا المقام؟ [والله أعلم (٦)].
السؤال الثالث : لم لا يجوز أن يكون الصادر الأول هو الصورة؟
__________________
(١) فالقابل (ط).
(٢) من (ط ، س).
(٣) للغير (ت).
(٤) وجها صورة (ط).
(٥) من (ط).
(٦) من (ط ، س).