لم يجب لم يوجد ، فقد حصل هاهنا أمور ثلاثة : الإمكان والوجود والوجوب بالغير. فوجب جعل هذه الاعتبارات الثلاثة عللا لموجودات ثلاثة ، ويجب جعل الأشرف علة للأشرف ، والأخس علة للأخس ، فالإمكان علة لهيولى الفلك الأقصى [والوجود علة لصورته ، والوجوب بالغير ، علة للفعل الثاني الذي هو العقل المحرك للفلك الأقصى (١)] وبهذا الطريق ، فإنه صدر عن كل عقل : عقل وفلك. حتى ينتهي إلى الفلك الأخير الذي هو العقل الفعال. واعلم أن الشيخ الرئيس قد أدرج في أثناء هذا الكلام نوعا آخر من التقرير. فقال : إن العقل الأول يعقل ماهية نفسه ، ويعقل وجود نفسه ، ويعقل وجوبه (٢) بالأول. ويعقل الأول فجعل (٣) عقله لماهية نفسه : علة لهيولى الفلك الأقصى ، وجعل عقله لوجود نفسه : علة لصورة الفلك الأقصى. وجعل عقله لوجوبه بالأول علة لنفس الفلك الأقصى. وجعل عقله بالأول ، علة لعقل الفلك الأقصى. لما ثبت : أنه يجب جعل الأشرف [علة (٤)] للأشرف.
فهذا تفصيل أقوالهم في هذا الباب.
والاعتراض عليه من وجوه :
الأول : إنا نقلنا عن القائلين بالفاعل المختار ، أنهم قالوا : لو كان موجبا ، لكان : معلوله إما أن يكون واحدا ، وإما أن يكون أكثر من واحد. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكونه علة موجبة. وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون معلوله شيئا واحدا (٥) لأنه إما أن يكون معلول ذلك المعلول : أيضا واحدا. فيلزم أن لا يوجد في جميع الممكنات شيئان ، إلا وأحدهما علة للآخر ، ومعلول له. وهو محال. ثم أوردنا (٦) عليه سؤالا للفلاسفة : وهو أنه : لم لا
__________________
(١) من (ت).
(٢) وجوب الأول (ت).
(٣) فيجب (ت).
(٤) من (ط ، س).
(٥) إما يحتمل معها سقوط إما الثانية. أو العبارة الأصلية هي : لأنه قد يلزم.
(٦) أوردنا على الفلاسفة.