فاعل جاهل قديم ، هو الذي ابتدأ بالشروع في الفعل ، بعد أن كان تاركا له على سبيل العبث والجهل والاتفاق.
والشبهة الثانية : قال : «محمد بن زكرياء الرازي» : «ومما يدل [أيضا (١)] على أن القصد إلى تكوين العالم لا يليق بالفاعل الحكيم : وذلك لأن هذا العالم مملوء من الآلام والأسقام. والبقاء على العدم يفيد الخلاص من هذه الآلام ، وما كان يضره فوت هذه اللذات. وأما التكوين والتخليق فإنه يقتضي الوقوع في آلام الدنيا ، وعذاب الآخرة. ومتى كان الأمر كذلك ، فالحكمة تقتضي ترك الإيجاد والتكوين».
والشبهة الثالثة : قال : «إن بتقدير أن يقال : كل ما أراده الإنسان ، فإنه يجده ، فإن التكوين والتخليق غير لائق بحكمة الفاعل الحكيم. وذلك لأنه لو لا سابقة الاحتجاج إليه لم ينتفع به. فإذا خلق العبد فإن لم تخلق فيه الحاجة والشهوة ، لم يحصل الانتفاع ، فكان ذلك الخلق عبثا. وإن خلق فيه الحاجة والشهوة ، ثم أعطاه التشهي ، كان ذلك جاريا مجرى ما إذا أوصل إليه نوعا من الضرر ، ثم إنه يشتغل بإزالته. وذلك عبث. فيثبت : أن بتقدير أن يجد كل أحد كل ما يتمناه ويهواه ، فإن الخلق يكون عبثا. وذلك لا يليق بحكمة أحكم الحاكمين. فيثبت : أن الابتداء بالخلق لا يليق بالإله الحكيم الرحيم».
فهذه هي الكلمات التي عولوا عليها في إثبات أن الابتداء بالخلق لا يليق بحكمة الإله الحكيم.
__________________
(١) من (ط).