ذلك التعلق ، لأن العشق قد بلغ في القوة والكمال ، إلى حيث لا يمكن إزالته. وعلم الإله الحكيم أيضا أمرا ثالثا ، وهو : أن النفس لا (١) تقدر على التركيب الجيد ، بل لو وقع الاقتصار على ما تتولاه النفس بذاتها ، لكانت [تلك (٢)] التركيبات فاسدة ، سريعة البطلان. فكان تحصل الآلام الشديدة الكثيرة (٣) بسرعة تلك التركيبات ، فلما علم الإله الحكيم الرحيم هذه المعاني الثلاثة (٤) ، علم بأن الأصوب الأصلح : أن تركب [الأجسام (٥)] التي حاولت النفس التعلق بها على التركيب الأقرب إلى الصلاح ، والأبعد عن قبول الفساد ، حتى تكثر الخيرات ، وتقل الآفات ، بحسب الإمكان. ثم إنه تعالى يفيض نور العقل على جوهر النفس ، حتى يظهر له بسبب نور العقل : أن الآفات الحاصلة [في هذا التركيب (٦)] أكثر من الخيرات الحاصلة فيه. فحينئذ ينفر طبع النفس عن الاختلاط بالهيولى، وتعود إلى عالمها فارغة ، مطهرة عن الالتفات إلى عالم الهيولى» قال : «وعلى هذا الطريق فتلك الدلائل الثلاثة غير واردة».
أما الحجة الأولى : وهي [قولهم (٧)] «إنه كيف يليق بالفاعل أن ينتقل من الترك [إلى الفعل (٨)] لا لحكمة». فهذا غير وارد هاهنا. لأن هذا ، وإن كان غير لائق بالفاعل الحكيم ، إلا أنه لا يليق بالفاعل الجاهل العابث. ثم إذا أقدم الفاعل الجاهل العابث على فعل لا ينبغي ، وعلم الفاعل الحكيم أنه لا يمكن دفعه عنه ، كان الفاعل الحكيم معذورا في أن يصرف ذلك الفعل إلى الوجه الأصوب الأصلح فيه بحسب الإمكان.
__________________
(١) كما تقدر على التركيب الجبلي (ت).
(٢) من (ط).
(٣) الكثيرة شرعا وفساد تلك (ت).
(٤) الثابت (ت).
(٥) من (ط).
(٦) من (ت).
(٧) من (ط).
(٨) من (ط).