عنه. وعلى [هذا (١)] التقدير يكون الإله رحيما محسنا ، ناظرا لعباده ، ساعيا في دفع الشرور عنهم ، وفي إيصال الخيرات إليهم ، فكان مستحقا للحمد والشكر بغير نهاية».
السؤال الثالث : إن هذا المذهب لا يتم إلا بقدم النفوس ، وقدم الهيولى. وذلك باطل.
أجاب (٢) عنه : بأن دلائل القائلين بوجوب حدوث النفس : ضعيفة. وسيأتي بيان ضعفها في باب الكلام في أحوال النفس (٣).
[السؤال الرابع (٤)] : قالوا : لما علم الإله (٥) أن تعلق النفس بالهيولى ، يوجب فتح باب الآفات والمخافات ، فلم لم يمنع النفس من ذلك التعلق؟
أجاب «محمد بن زكرياء» عنه : «بأن ذلك العشق ، لما صار ذاتيا غريزيا لجوهر النفس ، كانت إزالة ذلك العشق ممتنعة. والبارئ تعالى إنما يقدر على الممكن ، لا على الممتنع. فعلم (٦) الله تعالى أنه لو منع النفس عن التعلق بالهيولى ، لم تمتنع عن ذلك التعلق ، ولم تنقطع مادة ذلك الشر. فلهذا السبب لم يقصد الإله الحكيم [الرحيم (٧)] منع النفس عن التعلق بالهيولى ، بل تركها حتى تعلقت بها ، ثم أوقع تلك التركيبات على الوجه الذي يكون أقرب إلى الخير والصلاح ، وأبعد عن الشر والفساد. ثم أفاض البارئ على جوهر النفس : نور العقل ، حتى أن النفس بقوة نور العقل وبكثرة التجارب لأحوال هذا العالم ، تعرف أنه لا فائدة في [تعلقها (٨)] بهذه الهيولى البتة. بل هذا
__________________
(١) من (ط).
(٢) أجبنا (ت).
(٣) الناس (ت).
(٤) من (ط).
(٥) الله تعالى (ت).
(٦) فعلم أنه تعالى (ط).
(٧) من (ط).
(٨) من (ط).