الممكنات. إما أن يقال : إنه كان حاصلا أزلا وأبدا. أو ما كان حاصلا. فإن كان الأول ، فحينئذ يلزم أن المؤثر كان تاما من جميع الجهات المعتبرة في المؤثرية أزلا وأبدا. وإن كان الثاني، فحينئذ لا بد لحدوث تلك الأحوال من مؤثر. ويعود التقسيم الأول فيه. ويلزم التسلسل وهو محال.
وأما بيان المقام الثاني : فهو أنا لو فرضنا انتهاء الأجسام في طرف الزيادة إلى حد ، يمتنع حصول الأزيد منه. فذلك الامتناع إما أن يكون لنفس الجسمية ، أو لأجل شيء من عوارضها. والأقسام الثلاثة باطلة. فالقول بحصول الامتناع باطل. أما بيان أنه لا يجوز أن يكون ذلك الامتناع لنفس الجسمية ، أو لشيء من لوازمها : فهو أنه لو كان الأمر كذلك ، لامتنع حصول شيء من الأجسام. لأن الماهية ولوازمها مشترك فيها بين جميع أفراد تلك الماهية. وأما بيان [أنه (١)] يمتنع أن يكون ذلك الامتناع لشيء من عوارض المفارقة : فهو أنا نعيد التقسيم الأول في السبب المقتضي لاختصاص ذلك القدر الزائد ، بحصول ذلك المانع. فإن كان ذلك لأجل عارض آخر ، لزم التسلسل في العوارض ، وذلك محال. فثبت : أن الموجب لوجود هذه الأجسام : موجود. وثبت : أنه لا مانع عن هذا الإيجاب البتة. فوجب حصول جميع المراتب الممكنة. لأن نسبة تلك الذات الموجبة ، إلى بعض الأجسام كنسبته إلى البواقي. ولما تشابهت النسب ، وجب أن يتشابه الأثر. فلما حصل البعض ، وجب أن يحصل الباقي. فهذا الاستدلال على قول القائلين بالموجب.
وأما على قول القائلين بالمختار : فهو أن يقال : كل واحد من آحاد الأجسام : ممكن الوجود في نفسه. وحصول بعضها لا يمنع من حصول الباقي. وكل ما كان كل واحد من آحاده ممكنا ، ولم يكن وجود البعض مانعا من وجود الباقي ، وجب أن يكون وجود مجموعه ممكنا. وهذا ينتج : أنه لا يمتنع وجود أجسام لا نهاية لها دفعة واحدة. وذلك هو المطلوب.
__________________
(١) من (ط).