الفلاسفة : أن الحصول بعد العدم على قسمين : منه ما يحصل بعد العدم دفعة. ومنه ما يحصل بعد العدم يسيرا يسيرا ، وعلى التدريج. ومثاله : [أن (١)] أثر الضوء يحدث في أول الصبح ، ثم يزداد قليلا قليلا. وأثر الحلاوة يظهر في الحصرم ، ثم يزداد قليلا قليلا. والحق عندنا : إن الشيء الواحد يكون حدوثه دفعة ، ويكون عدمه دفعة. فأما أن يكون الشيء الواحد وحدة حقيقية : يكون حدوثه قليلا قليلا ، أو يكون عدمه قليلا قليلا : فهذا محال قطعا. والدليل القاطع عليه : أن ذلك الشيء إذا حدث شيء منه ، وحصل (٢) بعض من أبعاضه. ففي ذلك الوقت. إن لم يحدث منه شيء ، فهو باقي على عدمه الأصلي. فيكذب أن يقال : إنه حدث شيء منه. وأما إن قلنا : إنه حدث بتمامه. فحينئذ يكذب قولنا : إنه ما حدث بتمامه. وإن قلنا : إنه حدث منه شيء وبقي منه شيء آخر. فالذي حدث منه. إن كان عين ما لم يحدث [منه (٣)]. فحينئذ يصدق على الشيء الواحد النقيضان. وإنه محال. فلم يبق إلا أن يقال : إن الذي حدث ، فقد حدث بتمامه. وإن الذي لم يحدث بعد، فهو معدوم بتمامه. وإنهما أمران متغايران ، وقد وجد أحدهما ولم يوجد الآخر. وهذا هو الحق. وحينئذ يظهر أن القول [بأن الشيء (٤)] الواحد يحدث على التدريج ، أو يعدم على التدريج : قول فاسد [باطل (٥)] لا محصول منه عند العقل السليم البتة. وإذا ثبت هذا ، ظهر أن الحركة عبارة عن حصول أمور. كل واحد منها يحدث دفعة ، ويعدم دفعة. فإن كانت الحركة في الأين ، كان ذلك عبارة عن حصولات متعاقبة في أحياز متلاصقة ، وإن كانت الحركة في الكيف (٦) كان ذلك عبارة عن صفات متنافية (٧) متضادة متعاقبة. وكل واحد منها لا يوجد إلا آنا واحدا. وكذا القول
__________________
(١) من (م).
(٢) حصل (ط).
(٣) من (ط).
(٤) من (ط).
(٥) من (ط).
(٦) الكون (م).
(٧) متباينة (م).