بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)).
هذا ، ولقد قال بعض المفسرين في صدد آية (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) إنها أمر بوجوب اتباع أوامر القرآن ونواهيه. والمتبادر أنها في صدد أمر النبي عليهالسلام بمتابعة استماع وحي الله. ومضمون الآيات جميعها والآية التي جاءت بعد هذه الآية بنوع خاص مما يدعم ذلك ؛ على أن في أقوال المفسرين ما يتطابق مع هذا بل إن بعضهم فنّد القول الأول (١).
(كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)) [٢٠ ـ ٢٥]
(١) ناضرة : مشرقة من السرور.
(٢) باسرة : عابسة من الشدّة.
(٣) فاقرة : داهية تكسر فقار الظهر.
الخطاب في الآيات موجه إلى مخاطبين سامعين. وهي بسبيل تقرير أسباب ما يحدو بالناس إلى تكذيب يوم القيامة ، وهي استغراقهم في محبة الدنيا وإهمالهم الآخرة. وقد احتوت بيانا استطراديا على سبيل الإنذار فالناس في الآخرة فريقان : فريق ناضر الوجه لما يشعر به من الرضى والطمأنينة ينظر إلى ربّه وفريق عابس لما يتوقعه من الهول الذي يكسر فقار الظهر.
والخطاب في الآيات وإن كان مطلقا فإن الآيتين الأوليين منها تدلان على أنه موجه بخاصة إلى منكري البعث والجزاء على سبيل التنديد بهم.
والذي تلهمه روح الآيات أن التنديد ليس موجها لمحبة الناس الدنيا
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والطبرسي والنيسابوري وغيرهم والتفنيد في تفسير النيسابوري.