أقوى منهم وأشد بطشا فما أعجزوا الله ولم يجدوا لهم منه مخلصا ومهربا في الأرض. وفي هذا الذي يعرفه السامعون عظة وعبرة لمن حسنت سريرته وطابت نيته ورغب في النجاة.
وفي الآية الثانية تقرير بأسلوب جديد لقابلية الاختيار في الإنسان كما هو المتبادر.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (٤٤) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥)) [٣٨ الى ٤٥]
(١) لغوب : تعب.
(٢) أدبار السجود : عقب السجود.
(٣) جبار : هنا بمعنى مسيطر وقاهر أو مجبر.
يروي الطبري والبغوي في صدد نزول الآيتين [٣٨ و ٣٩] أنهما نزلتا في موقف جدلي بين النبي صلىاللهعليهوسلم واليهود حيث روى الطبري عن أبي بكر قال : «جاءت اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة؟ فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق المدائن والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء وخلق السموات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات يعني من يوم الجمعة وخلق في أول الثلاث الساعات الآجال وفي الثانية الآفة وفي الثالثة آدم قالوا صدقت إن أتممت فعرف النبي صلىاللهعليهوسلم ما يريدون فغضب فأنزل الله (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما