الملوك الثاني في الطبعة البروتستانتية والرابع في الطبعة الكاثوليكية وذكر خبر نشاطه ومعجزاته المتعددة وتبليغاته لبني إسرائيل. وقد ذكر مرة أخرى في القرآن في سورة الأنعام في سلسلة الأنبياء بوصفه من ذرية إبراهيم مع إسماعيل ذكرا خاطفا كما ذكر هنا. ولم يرو عنه المفسرون فيما اطلعنا عليه شيئا كثيرا ، وعلى كل حال فإنه هو الآخر كان معروف الاسم والهوية في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم قبل البعثة مثل الذين ذكروا في أسفار العهد القديم على ما هو المتبادر ومن طريق الجاليات اليهودية (١). وأما ذو الكفل فإن المفسرين رووا في صدده وشخصيته روايات متعددة منها أنه من أنبياء بني إسرائيل أو من رجالهم الصالحين أو أنه ملك عادل تكفل لنبيّ قومه بالعدل فسمّي ذا الكفل أو أنه شاب صالح تكفّل لنبيّ قومه بالصيام والصلاة وعدم الغضب فوفى بما تكفّل به فسمّي ذا الكفل أي ذا الحظ من ثواب الله أو ذا الثواب المضاعف لأن معنى الكفل هو الحظ أو الضعف. ومنها أن اسمه الحقيقي زكريا أو يوشع بن نون أو عدويا. ومنها أنه كان جبارا عاصيا تاب وأناب إلى الله فسمي باسمه (٢). وروى ابن كثير في صدده حديثا وصفه بالغريب رواه الإمام أحمد عن ابن عمر أنه قال : «سمعت من رسول الله أكثر من مرة يقول كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورّع عن ذنب فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك هل أكرهتك؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملني عليه الحاجة ، قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ثم نزل عليها وقال اذهبي بالدنانير لك والله لا يعصي الكفل الله أبدا. فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه قد غفر الله للكفل». وعلى كل حال فالذي نرجحه أن اسمه وشخصيته لم يكونا مجهولين عند سامعي القرآن وأهل بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم قبل البعثة. ومن المحتمل كثيرا الذي يسوغه صيغة الاسم العربية أنه نبي عربي مثل هود وصالح وشعيب. والله أعلم.
__________________
(١) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.
(٢) انظر المصدر نفسه.