نظن أن هذا لا يصحّ أن يغيب عن الأستاذ الحداد.
٢ ـ إن البشر هم الذين يكتبون ألفاظ كتب الله على الورق ويحفظونها في صدورهم. ولا يمكن أن يكابر عاقل في جواز وقوعهم في الخطأ حين يكتبونها على الورق ويقرؤونها من حفظهم فيبدلوا ويغيروا فيها سواء أكان ذلك بقصد أم بغير قصد. وهذا ما يقع لكل الناس في كل وقت من مسلمين ونصارى ويهود. وقد وقع لنا على كثرة ما قرأنا القرآن وكتبناه. ولا بد من أنه وقع للأستاذ حداد. وكنا نظن أن هذا لا يفوته. ولا يخلّ هذا في حقيقة بقاء كلام الله المنزل على رسله في كتبه محتفظا بصحته حكما ولو أخطأ الناس في كتابة ألفاظه على الورق وتلاوته من ذاكرتهم وبدّلوا أو غيروا فيها.
٣ ـ إن كلمة التحريف في أصلها تعني تغيير وتبديل الحروف والألفاظ. ومع ذلك فمن الممكن التسليم بصواب القول إنها قد تكون في معنى صرف الكلام وتأويله بغير المقصد الحق الصحيح. غير أن هذا ليس ذا جدوى في الصدد الذي يساق فيه بعد الواقع المشروح في الفقرة السابقة التي لا يمكن أن يكابر فيه عاقل والذي يسوغ التقرير حتما بأن كلمات التوراة يمكن أن يخطئ كاتبوها حينما يكتبونها على الورق وقراؤها حينما يتلونها من ذاكرتهم فيغيّروا ويبدّلوا.
٤ ـ ولقد استدللنا في ما سبق بالآيات القرآنية على أن التوراة التي احتوت ما بلّغه الله لموسى من وصايا وتشريعات كانت موجودة في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد نوّه بها القرآن ووصفها بأن فيها نورا وهدى. وطالب بالاحتكام إليها وطالب اليهود بإقامتها والتزام ما فيها. ونوّه بالذين يتلونها حقّ تلاوتها حيث يمكن أن يفيد ذلك أنها كانت كما أنزلها الله بدون تحريف وتبديل. ونحن في هذا متفقون مع الأستاذ الحداد الذي يذكره في معرض التدليل. غير أن هذا ليس من شأنه أن يمنع أن يكون اليهود في زمن النبي وقبله وبعده كانوا حينما ينسخونها من الأصل وحين يتلونها من ذاكرتهم يخطئون في كلمات كثيرة أو ينسونها أو يخفونها أو يكتمونها.
على أن هذه التوراة هي مفقودة. فيكون الكلام في أمرها في صدد شيء لم