قال في ذروان ـ وذروان بئر في بني زريق ـ قالت عائشة : فأتاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم رجع إلى عائشة فقال والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين. قالت : فقلت له يا رسول الله فهلا أخرجته؟ فقال : أما أنا فقد شفاني الله فكرهت أن أثير على الناس به شرا».
وقد قال البغوي بعد هذا الكلام «وروي أنه كان تحت صخرة في البئر فرفعوا الصخرة وأخرجوا جف الطلعة فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه فيها». ويروي هذا المفسر كذلك حديثا عن زيد بن أرقم جاء فيه (١) : «سحر النبي صلىاللهعليهوسلم رجل من اليهود. قال فاشتكى لذلك أياما قال فأتاه جبريل فقال إن رجلا من اليهود سحرك وعقد لك عقدا فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا فاستخرجها فجاء بها فكلما حل عقدة وجد لذلك خفة فقام رسول الله كأنما نشط من عقال فما ذكر ذلك لليهود ولا رأوه في وجهه قط». وليس في الحديثين صراحة بأن السورتين نزلتا في مناسبة ما ذكر فيهما من خبر سحر النبي صلىاللهعليهوسلم حيث يبقى ذلك كراوية مستقلة مروية عن ابن عباس وعائشة ومقاتل والكلبي.
وشيء مما ذكره ورواه البغوي وارد في كتب تفسير الخازن والطبرسي والنيسابوري وابن كثير. ومما جاء في تفسير الأخير زيادة عزوا إلى ابن عباس وعائشة أنه كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلىاللهعليهوسلم وعدة من أسنان مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم وقد مرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانتثر شعره ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن وجعل يذوب ولا يدري ما عراه. ولم يذكر الطبري وهو أقدم المفسرين المطولين الذين وصلت إلينا كتبهم شيئا من ذلك في صدد سخر النبي صلىاللهعليهوسلم ولا في صدد نزول المعوذتين. ولم يذكر ذلك الزمخشري ولا النسفي. ويمكن أن يكون هناك مفسرون آخرون لم يذكروه لأننا لم
__________________
(١) يروي البغوي هذا الحديث بطرقه سماعا من راو إلى راو إلى يزيد بن حسان عن زيد بن أرقم.