هذا ، ولقد روي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أحد كبار أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلماء القرآن كان يحك هذه السورة وسورة الناس من مصحفه ويقول إنهما ليستا سورتين من القرآن وإنما كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتعوذ بهما ويأمر بذلك.
وقد استوعب ابن كثير الآثار الواردة في هذا الموضوع فأورد أحاديث عديدة رواها الإمام أحمد والبخاري والحافظ بن يعلى عن زر بن حبيش مفادها أن هذا قال لأبي بن كعب ـ وهو من كبار علماء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في القرآن ـ إن ابن مسعود يحك المعوذتين من المصحف ولا يكتبهما في مصحفه ، فأجابه : «أشهد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبرني أن جبريل قال له قل أعوذ برب الفلق. فقالها. قل أعوذ برب الناس فقالها. فنحن نقول ما قاله النبي صلىاللهعليهوسلم». وأن زرا سأل ابن مسعود فأجابه قائلا : «سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عنهما فقال قيل لي فقلت لكم فقولوا». وأورد ابن كثير أحاديث عديدة أخرى أخرجها الإمام أحمد ومسلم والنسائي والإمام مالك تفيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم ذكر المعوذتين في مناسبات عديدة كسورتين قرآنيتين وكان يقرأهما ويأمر بقراءتهما على هذا الاعتبار في الصلاة وغيرها.
والأحاديث التي أوردناها في مطلع السورة صريحة الدلالة على ذلك كما أن الحديث الذي أوردناه في سياق التفسير والذي رواه الترمذي عن أبي سعيد صريح الدلالة على ذلك ، ولقد أورد ابن كثير هذا الحديث وقال إن ابن ماجه والنسائي أخرجاه بالإضافة إلى الترمذي.
ولقد روى ابن كثير عن الأعمش قولا جاء فيه أن من المحتمل أن يكون ابن مسعود قد رجع عن قوله إلى قول الجماعة لأن الصحابة أثبتوا السورتين في المصاحف الأئمة وأنفذوها إلى سائر الآفاق. حيث يستخلص من ذلك