يلزم هذا المحذور إذا تركت المقدّمة ، فلا بدّ من إصلاحه بأنّ المقصود منه «حين إذ تركت المقدّمة عن جواز» يعني : إذا تركت المقدّمة بالاستناد إلى الجواز الشرعي يلزم المحذور المذكور.
ومحصّل الاستدلال أنّه لو لم تجب المقدّمة شرعا فلا مانع من تركها شرعا ، وحينئذ فإن بقي الواجب المطلق بوجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإن خرج عن هذا العنوان وبدّل بالواجب المشروط معناه دخالة جميع المقدّمات ـ مثل أوقات الصلوات ـ في وجوب الصلاة ووجودها معا ، والحال أنّه خلاف بداهة الفقه كما لا يخفى.
ولكن لا بدّ لنا قبل بيان مناقشته من ملاحظة المسألة وجدانا ؛ بأنّه على فرض إنكار الملازمة وعدم تعلّق وجوب شرعي بالمقدّمة لا شكّ في أنّ العقل الذي يقول بوجوب إطاعة الله تعالى يحكم بوجوبها أيضا ؛ حذرا من الوقوع في عقاب ترك المأمور به بلحاظ ترك مقدّمته ، وعلى هذا إن تركها المكلّف فقد اختار تركه بسوء اختياره بترك مقدّمته ، فلا تحتاج المقدّمة إلى الحكم اللزومي الشرعي بعد إلزام العقل بإتيانها ؛ إذ لا فرق وجدانا بين وجوب المقدّمة شرعا وعدمه في تحقّق العصيان المستتبع للعقاب بسبب ترك المأمور به الناشئ من ترك مقدّمته.
إذا عرفت هذا فنقول في مقام الجواب عنه : إنّ المراد من الجواز وعدم المنع الشرعي إن كان عدم المنع وعدم الإشكال المحدود في دائرة الشرع فقط سلّمنا صحّة الشرطيّة الاولى ، ولكنّه لا يوجب صدق إحدى الشرطيّتين ، ولا يلزم منه أحد المحذورين ، فإنّه قال : حين إذ تركت المقدّمة عن عدم المنع الشرعي ، فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق ، والحال أنّ الأمر ليس