الفصل الثامن
في نسخ الوجوب
إذا نسخ الوجوب فهل يدلّ الدليل الناسخ أو المنسوخ على بقاء الجواز أم لا؟
وهذا البحث بهذه الصورة عنوان في الكلمات ، ولكن لا بدّ في الابتداء من البحث في مقام الثبوت ، وبعد القول بالإمكان في هذا المقام تصل النوبة إلى مقام الإثبات ، وعنوان البحث في مقام الإثبات أيضا لا يكون بهذه الكيفيّة.
والبحث في مقام الثبوت بأنّه هل يمكن بقاء الجواز بالمعنى الأعمّ أو بالمعنى الأخصّ بعد ارتفاع الوجوب أم لا؟ والمرتكز في الأذهان أنّ للوجوب ماهيّة مركّبة ـ كما ذكر صاحب المعالم قدسسره (١) ـ وهي الإذن في الفعل والمنع من الترك ، وهكذا الاستحباب والكراهة والإباحة.
والتحقيق : أنّ الوجوب أمر اعتباري بسيط ينشأ عن إرادة المولى الحتميّة ، كما أنّ الاستحباب أمر بسيط اعتباري ناشئ عن إرادة غير حتمية ، ويكون التفاوت بينهما بالشدّة والضعف ، كالتفاوت بين أفراد الكلّي المشكّك ، مثل أفراد الوجود ، وكان ما به الامتياز فيها عين ما به الاشتراك ، فالوجوب هو أمر بسيط وقد نسخ على ما هو المفروض ، فلم يكن هنا جواز حتّى يكون باقيا
__________________
(١) معالم الدين : ٨٩.