في دلالة صيغة النهي
الظاهر أنّ النهي بمادّته وصيغته في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادّته وصيغته ، غير أنّ متعلّق الطلب في أحدهما الوجود وفي الآخر العدم ، فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره في الأمر بلا تفاوت أصلا.
نعم ، يختصّ النهي بخلاف ما هو في الأمر ، وهو : أنّ متعلّق الطلب فيه هل هو الكفّ أو مجرّد الترك وأن لا يفعل؟ والظاهر هو الثاني. هذا ما قال به المحقّق الخراساني قدسسره (١).
ومعلوم أنّ هذا الاختلاف ـ كما يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدسسره ـ مبتن على ما هو مسلّم عندهم من أنّ هيئة «لا تفعل» تدلّ على الطلب مثل دلالة هيئة «افعل» عليه ، إلّا أنّ المطلوب في الأوامر عبارة عن طلب إيجاد الطبيعة ، وفي النواهي عبارة عن طلب ترك الطبيعة أو طلب كفّ النفس عن إيجادها.
والتحقيق : أنّ اختلافهما اختلاف ماهوي وحقيقي ، ولا يرجع إلى الاختلاف في المطلوب ، ولا دلالة لهما على الطلب أصلا ، فإنّ هيئة «افعل» وضعت للبعث الاعتباري إلى إيجاد الطبيعة المأمور بها ، وهيئة «لا تفعل» وضعت للزجر الاعتباري عن إيجاد الطبيعة.
توضيح ذلك : أنّ المولى القادر بعد إرادة عمل من عبده قد يبعثه تكوينا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٣٢.