إليه ، مثل : أخذه من يده وبعثه إلى إتيان المطلوب ، وقد يبعثه اعتبارا إليه بعد إيجاد أرضيّة البعث في ذهن المكلّف ؛ بأنّ إطاعة المولى تجب عقلا أو شرعا وأنّ مخالفته توجب استحقاق العقوبة.
ثمّ إنّ البعث الاعتباري يوجب الانبعاث كثيرا ، وربما يخالفه ويستحقّ العقاب ، وهيئة «افعل» وضعت لهذا البعث الاعتباري.
وهكذا في النهي ، فقد يمنع وينهى العبد تكوينا ، مثل : إيجاد المانع التكويني بين الطفل وحوض الماء ، وقد ينهى ويزجر اعتبارا بعد إيجاد أرضيّة النهي الاعتباري ، ولذا نقول : لا تشرب الخمر ـ مثلا ـ ثمّ يتحقّق الانزجار من المكلّف اختيارا وعن إرادة كتحقّق الانبعاث الاعتباري بعد الأمر منه اختيارا.
فالاختلاف بين الأمر والنهي يرجع إلى الهيئة لا إلى المادّة كما مرّ تفصيله في باب الأوامر ، فهيئة «افعل» تبعث العبد اعتبارا إلى إيجاد الفعل ، وهيئة «لا تفعل» تزجره اعتبارا عن إيجاد هذا الفعل ، ولا معنى لأن يتحقّق في مادّة واحدة الوجود إذا جعلت تحت هيئة «افعل» ، والعدم إذا جعلت تحت هيئة «لا تفعل» ، وهذا المعنى الذي ذكرناه متداول بين العقلاء ، فلا مجال للنزاع في أنّ متعلّق النواهي هو الأعدام والتروك أو كفّ النفس.
ولو فرض صحّة المبنى الذي يكون متّفق عليه بين صاحب الكفاية قدسسره وسائر العلماء من دلالة الأوامر والنواهي على الطلب ، إلّا أنّ متعلّق الطلب عبارة عن الأمر الوجودي ، ومتعلّق النهي يحتمل أن يكون كفّ النفس عن الطبيعة ـ كما قال به عدّة من العلماء ـ ويحتمل أن يكون ترك الطبيعة وعدمها كما قال به المحقّق الخراساني قدسسره ، ولا يصحّ الالتزام بما قال به صاحب الكفاية قدسسره.